الاثنين، 16 يوليو 2012

اللقاء العنيد


اللقاء العنيد


     
لمناسبة الذكرى الـ 150 للفنّان غوستاف كليمت اليوم 14 تموّز (1962 -1918) – صورة "الإكتمال" – كرتون من جدارية قصر ستوكليت (1905-1909)

هل نلتقي في حياةٍ ثانية؟؟؟


إنتظريني، يا حبيبتي، عندَ بواباتِ الزمنِ،
إفتحي مصاريعها على تقاطعِ اللفتات،
رصّعي رِتاجها بالحبِّ والحنين،
وزيّني مداخلها بالورودِ،
إحتفاءٍ لقدومي إليكِ.

أسبحُ إليكِ في بحارِ الظنِّ والخيال،
وأبحرُ إلى لقياكِ،
مع ارتحالِ البجعِ ورفيفِ الفراشات،
وتصيرينَ أنتِ حلمَ الخيالِ التائه وراء ذاته،
عصيّةً على اللقاء،
خائفةً من محطاتِ الانتظارِ،
بعيدةً في أغوار محيطاتِ الاختباء،
وقريبةً من مجامرِ القلب، وشغاف الشوق.

لا أعرفُ في أيّ كوكبٍ نلتقي،
ولا في أي حياةٍ ثانية يُسمحُ لنا بالعناق،
أوفي أيّ تاريخٍ، وأيّةِ سنةٍ، وأيِّ يومٍ وأيِّ ساعة، أو موعدٍ،
وبحسب المكانِ،
وبحسب دوران الأفلاك،
وتوافق الأبراجِ،
وتلاقي الكواكب السعيدة،
ودفقِ كوكبِ الحبّ، الزُهرة ، سخاءها من الإثارة لكي نلتقي.

لم يرحم الزمن أفئدة الحبّ،
ولم يتلازمْ في دورانهِ مع دوراتِ حياتنا،
صارَ الزمنُ يشحدُ إلإثارةَ والدهشة  من عواطف مصطنعة،
ويُلقي ظلال البُعدِ،
على حبٍّ خُلقَ ليكونَ مثيرًا ومدهشٍا.

الحبُّ، يا ملكتي، لا يُخالفُ الشرائعَ والتقاليدَ والعادات،
الشرائعُ والعاداتُ والتقاليدُ تخالفُ الحبَّ،
وقوانينَ الحبِّ،
وسننَ الحبّ وشرائعه.

ما نسميه حبًّا، ليس الحب،
ما نخافُ أن نمارسه في الحب، يقصينا عن قواعدِ الحبّ،
شأنُ الحبّ،
أن يجرفنا إليه،
أن يأخذنا بأمواجه،
أن يرمينا على شواطئ السعادة،
أن يلملمنا من غاباتِ الحزنِ،
أن يعصرنا ويلوينا ويقيمَ بيننا تواصلاً أنعمَ من إشراقِ الروحِ في حضرةِ النعمة.

لم يكن، جسدُكِ الذي قادني إليكِ،
فأنا تغلغتُ إلى ذاتكِ،
بالبحثِ عن أبعاد عواطفكِ،
بالدخول إلى مجاهلِ تفكيرك،
بالتغلغل في متاهة صوتكِ،
وحنين أوتاره الهادئة مثلَ نوم الفراشةِ فوق أوراق زهرة.

صرتِ أنتِ تحديًا جديدًا في حياتي،
انجذبتُ إليكِ...
صرتِ قطبًا مغناطيسيًا يعاكسُ تفلّتي منكِ،
وتيّارًا يُغالبُ ضعفي أمام أنوثتكِ المتجلّية في سلوك المرأة المتجاهلة كيفَ تغرقُ في حبٍّ ينتظرها منذ أجيال...
لم يكن جسدُكِ طريقي إليكِ،
بل كنتِ أنتِ،
وأنتِ في ممانعةِ الجسدِ،
تمدينِ بساطَ الإغراءِ،
للإنشدادِ إليكِ...

تلوحُ كنوزُ أنوثتكِ لي،
فيعتريني الانجذابُ إلى مسافةِ وجهكِ،
أحضنه بيدي فيتولّد إشعاعاً يكشفُ كم أنتِ شهية،
أصيرُ مأخوذًا بتجلي الأنثى المشتاقة،
أصيرُ وسطَ مرايا عاكسةٍ تحوطُ بي،
وفي كلٍّ منها وجهٌكِ يُشرقُ حنيناً،  
وكيفما التفتُّ تظهرينَ أنتِ،
في بهاءِ الوجهِ تظهرين،
في مساكبِ اللؤلؤ في عينيكِ تُبهرين حضوري،
في إغراء شفتيكِ ولذّتهما الندية، تلوحينَ ناضجةً مغموسةً بالعسلِ والنبيذ.
فأبدأُ نهاري بكِ،
وأنهي نهاري بكِ.

تُثيرينني في عواطفي،
فأنكرُ شغفَ جسدي،
واستثارةَ رجولتي،
فأنا أشتاقُ إليكِ من قلبي،
أشعره يقفزُ من قفصِ صدري، إليكِ،
يخالفني الكبتَ والإخفاء،
أعجزُ أن أوقفَ خفقاته،
او أهدئ من اضطرابه،
ولا أقوى أن ألجمَ جنونه بالقفزِ إلى أحضانكِ.

كلُّ تكاوينُ جسدكِ تمرُّ بي،
تخترقني إلى الكرياتِ الحمرِ لتنشرَ حضارتها في شراييني،
تخترقني إلى الكرياتِ البيضِ،
لتحصّنَ لي مناعةَ أشواقي إليكِ،
تخترقني في كل مسامي،
لأصيرَ في كياني أنتِ
وأنبتَ في ذاتي،
عرائشَ على ضفاف أنهر أنوثتك.

لا تخافي من الحبّ،
فالحبُّ يطهّرُ معاصينا،
لا تهربي من الحبِّ،
فالحبُّ يغفرُ خطايانا ويقينا زلاّتِنا،
لا تلومي الحبّ،
فهو يتكاملُ فينا،
من انجرافٍ في الأحاسيسَ والعواطفَ واللهفة والتمسك والارتماء في الآخر،
إلى انجرافِ نحو سمفونياتِ الجسدِ العاشق.

الحبُّ يُقدّسُ جسدينا،
يطهّرهما بلهيبِ العاطفةِ الجيّاشة،
يصيّرُ العناقَ بينهما طريقًا إلى الجنّة،
وجسرًا إلى النعيمِ.

ليسَ الجسدُ لعنةً، يا ملكتي،
الذينَ يخافونَ الحبِّ، جعلوا الجسدَ خطيئة،
الذين يدفنونَ الحبَّ وضعوا له الموانع والحواجز،
قتلوا الجسد،
واغتالو الحبَّ،
وصَيّروا ذواتهم أسيادًا على عواطفنا،
وهم عبيدُ الشهوة.

أن أدخلَ جنّةَ عريكِ، يا حبيبتي،
يعني،
أنني تخلّيتُ عن ذاتي،
لأنبهرَ بالكنوزِ المختبئةِ عندكِ، وتحكي عنها حكاياتُ ألفِ ليلة وليلة.
يعني أن أكشفَ على كلِّ حكاياتِ العشقِ،
وأخبار العشّاق،
يعني أن أختزل نساء العالم بكِ،
فأنتِ جامعةَ الإثارة القلقة،
وأنتِ كلّ شيءٍ في حياتي.

لقد انتظرتكِ، أيتها الحبيبةُ، أجيالاً،
وسوف أنتظرُ أجيالاً لألتقي بكِ،
فالارتقاء إلى منائر الروحِ لن يتم قبل أن نلتقي.
وقبلَ أن نُسقى كوثر العشقِ،
فهل تُعانقنا الأرضُ ،
أم كواكبُ أخرى تتولّدُ في مجرّاتِ جنسكِ؟؟؟



                                                                     ميشال مرقص

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق