الأحد، 25 سبتمبر 2011

قراءةٌ في غُربةِ الشوق

         قبلة واهمة


 
كلّما قرأتُ في كتابِ العشقِ،
 تفتّحتْ زهرةُ النيلوفرِ في سُرَّتِكِ،
كلّما فتحتُ قصائدي لكِ،
فاحتْ رائحةُ الوردِ في جسدكِ،
وكانَ حضورُكِ طاغيًا في إدراكي وفي مجاري أحاسيسي وعواطفي.

الزمنُ،
الذي يُسيّجُ أسوارًا من الغُربَةِ،
تُبعدني عن حضوركِ،
يكونُ ثقيلاً،
باردًا مثلَ لفحاتِ العاطفةِ الجامدةِ.

الزمنُ،
يفتحُ ما لم أتحسّسُ حدوثه،
أنَّ لكِ،
انتظارًا اقتربَ من محطةِ الوصول،
وصارَ حميمًا ذلكَ اللقاء،
وأنَّ زمنَ التواصلِ،
تخترقهُ فواصلُ الغربةِ،
وباقاتُ الاشتياقِ،
وزحمةُ الانشغالاتِ التي لا تعترفُ بأسفارِ العشقِ وأمسياتِ البوحِ.

في سطوري، أنتِ تُزهرينَ مثلَ أقمارِ الكاميليا،
في حروفي،
تُطلّينَ مبتسمةً،
عاليةً،
تخطرينَ بزهوٍ ملوكي،
وترقصينَ فوقَ حرائقِ جسدِي،
التي أزهرتْ لكِ زنبقًا،
ونضحتْ لكِ طيبًا،
ونفحتْ من أجلكِ، رائحةَ الناردين والبخور،
وتطيّبتْ لقدميكِ بالمسْكِ المخلوطِ بزهرِ الياسمين.

عندما أنظرُ إلى الوجهِ الخفيِّ من المرآة،
يُخيفني،
أنّكِ اختفيتِ من الإطار،
وأنَّ ابتسامتَكِ، صارت جامدةً في صورةٍ تهمسُ لي كم أنتِ بعيدة،
وكمْ،
يقسو الزمنُ،
وسوفَ يقسو،
ولا تعودُ قصائدي أو عواطفي،
قادرةً لتصيرَ لكَ هودجًا،
أنقلكِ فيه،
إلى عُمقِ أنفاسي المتقطعة،
 خشيةَ ألا تراكِ.

يُنذِرُني الزمنُ،
أنّ أطايبَ عرْيكِ،
وثمارَ جسدكِ،
ومسكَ شفاهكِ،
وشواطئَ نهديكِ،
وسهولَ الشهوةِ عند خصركِ،
وفوق مساحةِ أنوثتكِ كّها،
ليستْ لي.

يُنذرني الزمنُ،
كم أنا في وهمِ احتراقي بكِ،
وكمْ أنا في رقصةِ النشوةِ،
كلّما شعرتُ أنني فراشةٌ أحترِقُ في نارِ جنسكِ،
فأتحوّلُ ذرِّاتِ نجومِ ذهبية تُضيءُ ليلَ عينيكِ.

أشعرُ في محطاتِ الغربة،
أنني مثلَ الشُهُبِ يسطّرُ ضياءه في فضائكِ،
وأعدُّ الثواني لدى الانتظار،
وأعرفُ كيفَ يُدمّرني الانتظار،
لكن أعودُ وأولدُ فيكِ نجمًا جديدً،
يزيدُ لمعانًا،
كلّما تعلّمتُ أن أحبّكِ أكثر.

    
                ميشال




الجمعة، 23 سبتمبر 2011

فرحُ زنديكِ

      

يغمرُ الوردُ فرحَ زنديكِ،
ويُشعلُ في مجامرِ القلب،
نشيدَ أنوثتكِ.
آتيةً أنتِ من المحال،
من روابي القمحِ وسهولِ الزعترِ البري،
تخطرينَ كالينابيع تحتَ شلالاتِ الضوء،
وفي أمسياتِ العشقِ،
تحملكِ عينايَ أحلاماً
إلى شفافيةِ الطقوس.

عندما تخطرينَ في أنغامِ الشعرِ،
يصيرُ فوحُ عبيرُكِ
 جارحاً مثلَ شهقةِ عينيك،
تصيرينَ فراشاتِ المسامِ
وزقزقةَ المشاعرِ المرتجفة،
تتوقُ إلى التفتحِ الأنثوي
فوق مائدةِ الجسدِ الشهي.

تأتينَ مثلَ أجنحةِ الجنيّةِ الخضراء،
مثلَ شفافية ابتسامة عينيكِ،
مثلَ نغماتِ عريكِ في شهقةِ التصوُّفِ والإشراق،
إلى معبدِ العشقِ، تخطرين،
شفّافةً خائفةً،
مرتعشةً إلى الشوقِ،
إلى كتابةِ أحلامِ اللّذة،
إلى ورودِ الاندفاع في متاهةِ الشرودِ الغافي فوق صفحاتِ أنوثتكِ.

عندما تشرقينَ في عينيَّ،
أشعرُ أن أشجارَ النخيل تصفقُ لكِ،
تحملُ سُعُفَها إلى مهرجانِ جنسكِ،
وتزيّنكِ بوشاحِ الدهشةِ،
وعناقيدِ الطَلْحِ والخصب،
وخباء العروس الجالسة في نيلوفر الاشتهاء.

إليكِ، يا سيّدتي، عناوين أوطاني،
فهي تبدأ من عينيكِ وشعركِ،
وينابيع شفافيتكِ،
وتدورُ في مسامكِ،
وتعبرُ شرايين أنوثتكِ،
وفي كلِّ مساءٍ تغفو على تعابير وجهكِ الحالم بالإشراقِ والحب العميق،
وبالعشقِ العميقِ،
والخائفِ من مراهقةِ الزمن،
البعيدة عند شواطئ  الرغبات.

هنا يا سيّدتي ينتهي حوارُ أصابعي
مع سنابل شعركِ
فأُلبسكِ مساحةَ عشقي اللامتناهي،
وأصيرُ، في صدركِ،
أيقونةً
لذلك الحُلُمِ
الآتي إلى مهرجانِ أنوثتِكِ،
مهرجانِ بوحكِ...



ميشال



الاثنين، 19 سبتمبر 2011

متاهةُ الحبٍّ


                       
              للفنانة التشكيلية اللبنانية مجد رمضان

لقدُ توغّلتُ بعيدًا،
في مسافاتِ حبِّكِ،
وأمعنتُ في التوّغلِ،
واجتزتُ حقولَ أنوثتكِ،
وأدغالَ عواطفكِ،
وتوقفتُ عند ينابيعِ شهوتكِ،
وطاَب لي، حلوُ الارتحالِ في مملكةِ جمالاتكِ،
حتى نسيتُ بدايةَ الرحلة،
وتاهَ عنّي زمنُ بلوغِ غايتها.

أبحرتُ في بحور حبّكِ،
وجذبتني تيّاراتُ أمواجكِ،
فتقاذفتني أمواجُ عُريكِ،
بعيدًا عن شواطئ ارتحالي،
لا منائرَ تلوحُ عندَ برّ جسدكِ،
ولا علاماتٍ تُوقِفُ دَفْعَ الإبحارِ إليكِ.

لقد نسيتُ زوارقَ الإنقاذِ،
ولم أتسلّح بوسائل النجاة،
لأن هدوء بحركِ جذبني،
وتحدّاني تلاطمُ أمواجه.
لم آبه لتحذيركِ إيّاي،
خلتُ ذاتي قويًّا في محيطكِ،
خلتُ ذاتي، قريبًا من مرافئ وجودكِ،
لكنّ الوصولَ إليكِ مثلَ سرابِ البحرِ،
ومثلَ سرابِ الصحراء،
كلّما تخيَّلْتُ النهايةَ،
ظهرَ سرابٌ جديد،
بالمسافةِ ذاتها،
بعيدًا عن مرافئ وجودك.

أشعرُ أنني مثل العصفورِ معكِ،
أجوعُ فألتقطُ حنطةَ قمحكِ،
أعطشُ فأشربُ ماء جنسكِ،
أختبئ من المطرِ والبردِ،
فوق أغصانِ شفافيتكِ،
وأحتمي من لهيبِ عواطفي،
في فيءِ حنانك.

أشعرُ أنَّ حقولَ الورد والكرز واللوز والوزال،
تُفتّح أزهارها من أجلكِ،
أحسُّ أن اخضرار السنديانِِ،
وتلويحَ الفواكه بألوانها،
تتهيأ لاستقبالك،
أن زهور الأحواضِ لديَّ،
إنما تنمو من أجلِ أنّكِ أنتِ،
فأغمرُ الطبيعةَ بعيني،
وأعتني بورودي وأزهاري،
لأنها تُبَرعم لك.

جذبتني متاهةُ الارتحالِ إليكِ،
وأغراني الدخولُ إليها،
لكن، لم أدرك كيف أعودُ من دورانها،
من دونِ خيطكِ الذهبي،
الذي تعطيهِ العاشقات،
كلٌّ لحبيبها،
ليعودَ إليها من المتاهة، حيثُ يعاركُ الوحشَ، يصرعهُ، فينالَ حبّها.

لقدّ دخلتُ إلى أدغالِ شؤونِكِ العاطفية،
عرّشت أشجارُ حبّكِ في جسدي،
التفّتْ أغصانُها على جذعي وفروعي،
نَبَتَتْ مع أغصاني،
أورَقتْ مع براعمي،
وأزهرتْ في مسامي مثل عناقيد الغاردينيا.

صارَ هيكلي مكسوًّا بدوالي حبّي لكِ،
صارت عرائشُ إحساسك تُفرّخُ في كرومي،
لوّحَ عنبُها وصارَ شهيًّا مثلَ شفتيكِ،
وأنبأ بنبيذٍ لذيذٍ،
يشبهُ الغفو في عينيكِ،
والسُكْرَ من محاسنِ وجهكِ.

ولا أزالُ أسبحُ في شهوتي لعري جسدكِ،
مشرّدًا هنا عند شواطئ نهديكِ،
ومرميًا فوق رمالِ خصركِ،
ومنسيًّا عند مرمرِ رجليكِ،
ومسمّرًا في شهوتي،
عندَ سائرِ أطايب رزقكِ وثمار هذا العري القاتل.

أشعرُ أحيانًا أنني أختنقُ،
فتنعشينني بهواء أنوثتكِ وجرحِ العاطفةِ المختبئة في أكمامِ ورودكِ.
ويلفحني هواؤكِ مرّاتٍ،
فأغصُّ من فيض عاطفتي لك.

صرتُ مثل عرائش البحر،
تتكاثرُ في ذاتها،
تجتاحُ المساحاتِ،
تخنقُ ما حولها،
ولا تموتُ إلاّ باقتلاعها من الماء.



حبي لكِ المحيطُ الكبيرُ،
أنا أنمو فيه،
أتمدّدُ بلا حساب،
أغالبُ أمواجكِ العالية،
وأعاندُ تيّارت الانجذاب إليكِ،
أحيانًا أرى يدكِ تلوحُ،
وتُرسلُ النجدة،
وأحيانًا تغيبُ عنّي،
لكنني أعاني، فأنا في شوقٍ قاتلٍ،
لأبلغَ مرفأك،
ولو كانَ السرابُ هو بحري الوحيد.

           ميشال

    




الأحد، 18 سبتمبر 2011

إبحارٌ في عُري المسافة

امرأة ... مركب ... قناع وكمان...



يختزلُ الزمنُ عُريَ المسافة،
عندما تلوحُ
ابتسامةُ عينيكِ،
في هدوء الابتعادِ والخِشيةِ،
فتلوحينَ كالزئبقِ العصيِّ على اللمسِ.

مثلكِ يؤخذُ بالعينِ،
وبأعماقِ اللهفةِ،
نُعاسًا أو خَدَرًا أو سُكْرًا ناعمًا في العروقِ والشرايين حتى الانعتاقِ من الذات.

لا أعرفُ أبجديةَ حروفكِ،
ولا نغماتها أو فواصلها أو منمنماتها.
فأمامكِ يصيرُ الشِعرُ لغةً متحفّزةً للبوحِ،
خائفةً أن تنسكبَ في كأسِ عذوبتكِ،
فتتلاقيانِ شِعْرًا وعذوبةً.


إلى مثلكِ،
تفرحُ الحواسُ في مهرجانِ،
وتقفُ، خائفةً، عاجزةً عن التعبير.
بكِ، يطيبُ الانسحاق في أنوثتكِ الخفيّة،
تلك تفتحُ براعمَ البوَحِ،
وتُبْحِرُ في أشرعة المتعةِ،
تحمِلُ شِعابِ المرجان،
والثمار الاستوائيةِ الدافئة،
ولها يُحرقُ بخورُ الطقوس،
لأنكِ تغرقينَ في ضجيج الأنوثةِ الطاغية، رغمِ البراءة!

عندما يبتسمُ خصرُكِ
في شهقةِ الوردِ الأبيض،
وتُطلُّ باقاتِ الرموزِ من نوافذِ الرغبة،
يجفُّ نَسْغُ العروقِ،
تصيرُ الظنونُ غمارَ وردٍ وزهرٍ،
 وبوحًا عميقًا
أمام لؤلؤكِ الكامنِ،
وسهولِ خصبِك.

لا أجروءُ،
أن احملَ إليكِ ما تحتويهِ سفني،
أنا البحّارُ ،
الآتي من مرافئ الخمرِ العتيقِ، والقمحِ الأسمر، واللوز والطيبِ والعنبِ،
لا أجروء أن أضعَ أمامكِ،
حمولةَ العسلِ والبخور والطيوب والعنبر والعطور،
لا أجروء أيتها الجميلة،
أن أُنْزِلَ من مراكبي كتب الشعرِ،
وأساطيرَ الجنيّاتِ العذارى الساكناتِ خلف بحار الرغبةِ،
ولا أن ...

فكلُّ ما حملت مراكبي من موانئ العمرِ،
مرصودٌ فيكِ،
مكتوبٌ رصدُه في عُرْيكِ،
مُزدحمٌ في خزائنِ أنوثتكِ،
أيتها الأنثى المرصودةِ على أناشيد الحبِّ.


                     ميشال

                          

  

  

السبت، 17 سبتمبر 2011

أنتِ فراشتي


أبحرُ إليكِ في هدوء الخيالِ،
وألتقي عبوركِ فيَّ،
وأسألُ أن تأتي عواصفُ حبّي إليكِ، مثل نسيم البحرِ،
فحدائقُ أنوثتكِ،
لا تقوى على الرياح.

آتي إليكِ،
أرقَ من نسمةِ الربيع المنعشة،
وأكثر شفافيةً من ملمسِ الحريرِ،
فالفراشاتُ يخدشهُنَّ لمسُ النظرِ،
وتسقطُ ألوانُ الإغواء غبارًا سحريًا في حدائق العينين،
وأنتِ فراشتي،
لا أريدُ أن أنثرَ ألوانكِ،
في غيرِ مساكبِ اشتياقي  إليكِ.


ميشال

الخميس، 15 سبتمبر 2011

من الأعماق



كيف يعيش المرء، يا صديقتي، بلا يوميات!
باهتًا كالأزهار بلا لونٍ،
ومثل عطرٍ كُتِمَ عبيرُه،
وحروفٍ لا تنبضُ بالعاطفة والدفء؟

هل علينا أن نرسمَ الهواء على صفحة الماء؟
ونلعب بالريح ونلتقط أنفاسَ العصافير؟
ونلاحقَ فراشات أحلامنا ونلهث من التعبِ بعد أن تعصى علينا؟

هل يعيش المرء في ذاته مثل ترس السلحفاة وحلازين المستنقعات،
حاملاً ملل الشوق ورتابة الدوران واصفرار السعادة وكسل الرغبة؟

هل يعيش المرء يزرعُ خواطرَ الكلام وزندقة العواطف وشراسة الضمائر الغافية فوق أعتاب العتمة؟

لماذا يا صديقتي لا نلوّنُ بأحلامنا زرقةَ السماء؟
ونرسمُ بخطانا ألوان الزهور؟
ونغدو بعواطفنا مثل أجنحة الفراشات؟

نخرج من ذاتنا إلى شفافية الآخر،
إلى ملامسة الملائكة في أعين بعضنا،
إلى رؤيا السعادة في عبير النشوة الظامئة إلى الدفء،
نلتقطُ منمنمات الأحرف والفواصل عند مرافئ  همساتنا،
وفي مدارات البوح التائه في نبيذ عواطفنا؟

لماذا لا نكونُ يا صديقتي،
ففي حضوركِ يبحرُ لون المرجان والزمرد،
يصيرُ كسلُ العيون مرآةً لغابة الشموع البنفسجية،
يلتهم الصدى نغمَ أنوثتكِ،
ويُعتقُ دلالُكِ فرسَ المهرجان في رقصِ الساحرات.

يا صديقتي،
وجهك يبقى يوميات الذاكرة،
وعيناك لآلئ الأمنيات،
وجمالاتُ وجهكِ فردوس العناقيد الشهيّة.


تبقين،
أغنية حوريات البحر خلف الأبعاد المنسية،
ساحرةً أناشيدُ طقوسك،
وهادئةً رياحُ عبيرك
ومنعشةً نسائمُ أنوثتكِ.

في الأعماق يا صديقتي
تبقى أغنياتي،
أغنياتِ بحّارٍ عتيقٍ،
يحملُ لكِ أطايب البحار،
ويسكبُ على رجليك الطيبَ،
ويمسح ميرونك على صفحات قلبه،
مزامير فرحٍ،
وأناشيد حقول القمح ونشوة الحبق،

ويحملُ باقات الشعرِ شلال نور لكِ.



                           ميشال