الأربعاء، 30 مايو 2012

يغتصبني الفرحُ - هوامش اللذّة


يغتصبني الفرحُ



                           كيوبيد يفكُّ غلالة فينوس – زيتية للبريطاني سير جوشوا راينولدز - 1788


يغتصبني الفرحُ اغتصابًا،
كلّما أيقنتُ أنّي أحبُّكِ أكثر.
يشدُّني،
إلى عمقِ جنوني بكِ،
فأصيرُ مسرحًا لأهازيجَ الأحاسيس...
مباركٌ فيكِ،
مرميٌّ في عذوبةِ لهفتِكِ،
تتفتّحينَ فيَّ حقيقةً مغموسةً بعجينِ الشهوة،
ومسحورةً بأهدابِ عينيكِ،
ترصدان انسيابي،
إلى أعماقِ بوحهما.

ميشال مرقص



هوامش اللذّة

                 مياه – زيتية للفرنسي وليم بوغيرو – 1884

يلفّني مصيرُ القلقِ،
يحبسُ أنفاسيَ حينًا،
ويطويني في ذاكرةِ النسيانِ
 عند هوامش اللذّة الهاربة في فصولِ الاختباءِ من وجوه عشقي...
منهكٌ في رغبةِ العناق،
مثقلٌ بعناقيدِ الشوقِ،
غارقٌ في ينابيعِ شعركِ،
متثاقلُ النظرِ في جمالات وجهكِ
 أقرأكِ فصولَ حبٍّ ورغبةٍ وشهوةٍ وانتحارٍ في قبلةٍ،
 لا يُغلقٌ القدرُ نهايةً لها...

ميشال مرقص

لو كنتُ أيّها الأحبّاء...

لو كنتُ أيّها الأحبّاء...


إلى من يُستشهدُ ...أو يُهمّشُ من الشباب
في عمرِ المراهقة ... إلى الأحباء الصغار،
إلى الذين يعشقون الأطفال ... الملائكة الأطفال...
إلى الكبار الجهلة ... الحكّام البرابرة...
كيف يذبحونَ الصغار...
حكايةُ نُبلٍ ... وعاطفة ...
مشهدٌ من وداعٍ ظرفي...
م.م.

لو كنتُ أيّها الأحبّاءْ
أعلمُ أنَّ الحُلمَ يمضي كالعطاءْ،
وأنّني سَأَرحلُ كموسمِ الشتاءْ،
كالمطرِ الحالمِ بالصحراءْ.
لوْ كنتُ أعرفُ ألوانَ الاشتياقْ،
وغربةَ النسيانْ،
لكنتُ من زمانْ،
يا أصدقائي،
ألهو بالطلاقْ...

***

أعرفُ أيُّها الأصدقاءْ،
أنني – في مهنتي – أرهقتُكُمْ
"بالمُبْتدا والخبرْ،
باسمِ ليسِ، أنَّ، وكانْ،
بالحالِ والتمييزِ والمَصْدَرْ،
بأفعلِ التفضيلِ والإغراءْ...
أعرفُ أيها الأصدقاءْ،
كمْ مرّةٍ كانَ النداءْ،
أسطورةَ الهُتافِ
في العراءْ...
كمْ مرّةٍ أرهَقّتُكُمْ
بالجرِّ والمًضافْ
والحَصْرِ والتبديلِ والنعوت والإعجابْ...
بجُملِ الإنشاءْ
والإعرابْ"...

***

لكنّكم يا أصدقائي تذكرونْ،
أريدُكُمْ أنْ تذكروا،
بأنّني ارتعشتُ فيكمْ كالإيمانْ،
أحْبَبْتُكُمْ كما ولا إنسانْ...
زُرِعْتُ في أنفاسِكم،
شَرَّشْتُ في آهاتِكُمْ،
زَلْزَلْتُ فيكم نُطفةَ الخيالْ،
 زَوْبَعْتُكمْ كغَضْبَةِ البركانْ...
يا – إخوتي-
يا منْ رأَيْتُ في عيونِكم،
براءةَ ... الشُجعانْ،
أحْبَْتُكمْ،
لا تسألوني كيفَ يُعْبَدُ الإله؟
وتَرْتَمي فوقَ شفاهي – الآه؟
أحبَبْتُكُمْ بكلِّ ما عندي من المشاعرِ،
بكلِّ اندفاعي الثائرِ،
أحبَبْتُكمْ،
كيفَ يُعبَدُ الإلهُ كلَّ آن؟
كشَهوَةِ القدِّيسِ في حرارةِ الصلاة والإيمانْ...

***

سأرحلُ..
بدونِ أنْ أُلقي عليكم الوداعْ،
لأنني مشتّتُ الطريق والأفكارْ،
لأنَّ زورقي سَيُبْحِرُ مدى عيونِكُمْ،
وليسَ في أيِّ البِحارْ،
يُفتِّشُ عن مرفأٍ
ترسو بهِ أحلامُكمْ،
في مرفأٍ لوزيّةٍ أحجارُه، مرميّةٍ جُنَيْنَةُ أثْمارِهِ،
كغُرْبَةِ المحارْ...
مسافرٌ،
يا إخوتي الذينَ في عيونهم مساكبُ الأقمارْ،
لا تَحّزنوا،
يا أصدقائي، أصدقاء الليل والنهارْ.
مسافرٌ كالبحّار،
أبحثُ عن جزيرةٍ جديدةٍ،
للرفقاءِ الجُدُدِ الصغارْ،
لكنّني،
سأَذْكُرُ وجوهَكُمْ،
سأذكُرُ عيونَكُمْ مساكبَ القِمار...
سأذكُرُ أسْماءكُمْ،
عبرَ ضميرِ الغيبِ والخطابِ والتكلّمِ،
في غَمْرَةِ الأفراحِ وفي عُصارةِ التألّمِ،
لَسَوْفَ أبقى معكمْ كنجمةِ المدارْ،
ومحورِ الأرضِ ومحورِ الحِوارْ،
تذكّروا،
بأنّكمْ معي،
مدى مشاعري العميقةِ القرارْ،
قصيدةً، أنشودةً منْ نارْ،
يا أخوتي،
يا أصدقائي،
يا أحبّائي،
أنا أَحْبَبْتُكُمْ،
بمثلِ ما يَعْشقُ أعمى،
أنْ يرى وجهَ النهارْ..

ميشال مرقص





الرحيل صوبَ الآلهة

الرحيل صوبَ الآلهة

                                                      أدونيس وفينوس - تيتيان 1553


تقرعُ الأجراسُ احتفاءً
بالسنونو،
تصدَحُ المآذنُ بـ"التكبير"،
تخُطُّ حمامةٌ
طَريقَ هروبِها نحوَ "الفضاء"،
تسقطُ قصيدةٌ من جناحيها،
وتُعلِنُ،
الاحتفاءَ،
أنّكِ هنا...

تسقُطُ، يا سيّدتي
 فوانيسُ القناطر
فوقَ الطريق،
ويدخلُ الخليجُ إلى حدائق العينين.
تعكسُ مرآتِنا،
عاطفةُ الجوعِ إلى حضورِ أنوثتِكِ.
وعندما تنكسرُ،
تتوزّعُ اللهفةُ في المرايا المتناثرةِ،
داخلَ مروحةِ الزمن...

تأتي الأعيادُ يا سيّدتي،
بوشاحِ الحزنِ،
تأتي من وراء الباب،
تفتقدُ فرحَ الوجودِ...
لا شيءَ يا سيّدتي
يستحقُّ أن يكونَ له عيدٌ...
لا أحد...
الأعيادُ أن تكوني
 أنتِ، 
الأعيادُ ...أنتِ...
***
الوصولُ رغبةٌ في التعاطي،
أناشيدُ الوصولِ،
جِسرٌ إليكِ،
كلّما فَتَحتُ جهاتِ ذاتي،
وجدتُكِ أنتِ...
وكلّما خَطَوْتُ إلى ضياعٍ،
أعرفُ أنّي أمشي صوبَكِ
صوبَ الآلهة...

ميشال مرقص

الاثنين، 28 مايو 2012

نلهثُ وراءَ عُريِنا

نلهثُ وراءَ عُريِنا

                                                                               كلير براك – معاصرة فرنسية


مُتْعبونَ،
نلهثُ وراءَ عُرينا،
يسرقُ شعورَنا
أرقُ الرعشةِ...
تنبتُ في أروقةِ مشاعرنا
ظلالُ الكآبةِ،
وتختفي أبجدياتُ المسافات...

كلّما أيقظني عَطَشُكِ
أُدرِكُ أنّ ينابيعي،
سئمَتْ ذاتَها،
يتغَلغَلُ حليبُها
في شرايين الظمأ...

أخرُجُ من تلقائي،
إلى عُروةِ هروبِكِ،
مسافةَ شهقةٍ
وانطفاءِ يَقْظةٍ
في محبرةِ
الشهوةِ...

يرويني حضورُكِ
في مسامات الزمن.
تعبرُني انهزاماتِكِ،
أمامَ اعتناقي رغبَتَكِ.
أقبضُ على براعم جنسِكِ،
أتلاشى،
أذوبُ
تتفتَّقُ خيوطُ الإنسياب إلى فرحكِ...
في معبدِ عريكِ
ألتقي حنين ذاتي.

يتحداني نهداكِ،
يترصدانِ غُلمتي،
إحمليني في عينيكِ..
سقوطي،
يمحو لونهما...

ميشال مرقص

بلادي امراةٌ عاقر

بلادي امراةٌ عاقر


The Lady of Shalott - لوحة زيتية للرسام جون وليم ووترهاوس (1849 – 1917) مستوحاة من قصيدة اللورد البريطاني ألفرد تينيسون تحملُ العنوان ذاته – عن إمرأة وجدت في حصنٍ بلا سبب وحكمت عليها جنّيةٌ بألا ترى سوى ما تعكسهُ مرايا من الجليد – للوحة 3 نسخ – 1888 -1894 -1916


أبحثُ عن إمرأةِ الرحيلِ،
أبحثُ عن عينينِ جائعتين.
قرابيني زادُ الطحالبِ،
ورحمُ المسامِ – اختنقَ.

ألّعَنُ حذائي الذي داسَ بَطْنَ الشمس،
وأكرَهُ وجوديَ المسمّرَ.
أرتحِلُ صوبَ بيادرِ القحطِ،
وسلامُ اللعنةِ حزامي.
مِنْ سجني خرَجتُ إلى سجنِ بلادي،
تلكَ المرأةُ العاقر،
منافذُها ضيِّقةُ التاريخ،
وحدودُها تخنقُ الأنفاسَ.
توسَّدْتُ فخذيها،
ونَقَعتُ إبهامَ رِجلي في ثدييها،
فلمْ يَلِدْ رَحمُها،
ولا انزلَقَتْ شفاهي،
فوقَ براءتِها...

***

عنكبوتٌ صاعدي،
وامرَأةُ الرحيلِ تُعشّشُ في مسامي،
أتدَحْرَجُ على بطنِها،
شبقُها يشدُّ حواسَ أنفي،
لكنّها امرأةٌ مرذولةٌ،
مطرودةٌ بلادي في ملامسها،
ومثل الزانيةِ،
يسْقطُ عليها حَجَرٌ...
فتُسْدَلُ شعرَ المجدليةِ،
وتُضمّخُ دنسها بالطيب.

***

لا تلعنوني يا أبناءَ الرحمِ،
أنا وُلِدْتُ مثلكم،
لكنَّ بلادي امرأةٌ عاقر،
وأنا أكرَهُ وجودي المُسمّرَ.
لقد ضاجَعتُ الريحَ والمياه،
ضاجعتُ جُثثَ الأحياء،
خَبِرْتُ نساء الملوكِ والحكّام،
واشتهيتُ فلسَ الأرملةِ،
فطعمُهنَّ طعمُ بلادي...
حدودهنَّ حدودُها،
ضيّقةٌ منافسُ الرئتين،
يغشينَ عندَ أول ارتعاشة،
ويتصاعدُ بخورُ النتنِ من أفواهِهنَّ...

***
جميلةٌ بلادي العاقر،
رحمُها قاحلٌ،
تشتهي بطولاتٍ وهميةٍ،
وتستفيقُ من كابوسٍ رهيب.

***

يا عذارى بلادي،
أشتهي إمرأةَ الرحيلِ،
فبطنُها مملوءٌ ذَهبًا،
وعيناها رغيفانِ جائعتان...
أنْهَضُ من تحتِ إبطِها،
وأستَحمُّ بعرقِها،
رائحتُها كالنعناع،
وزنبقٌ ساقيةُ جِنسها...
تمنحني أنوثتَها،
تمنحني براءتها،
وتقتلِعُني من بلادي،
من وجوديَ المسمّر...

ميشال مرقص

السبت، 26 مايو 2012

لا أحبُّ معكِ النهايات

لا أحبُّ معكِ النهايات

                        بيار أوغست رينوار  - زيتية - 1910

يا سيّدتي، لا أحبُّ معكِ النهايات،
بل أنا احبُّ البدايات،
أحبُّ أن أبقى معكِ في الفصل الأول من رواية العشّاق،
وفي الصفحةَ الأولى على طريق الحب،
وفي الحروفِ الأولى من اسمكِ.

تعرفينَ يا سيّدتي،
أن البدايات تسعى دائمًا لتزيد،
تسعى دائمًا لتنمو،
تسعى دائمًا إلى وضع النقطة الأخيرة من الرواية.

لكن أنا، يا سيّدتي،
أحبُّ أن أمتلئ منك كلَّ يوم،
أن أمتلئ من شعوركِ وأحاسيسك ونبضكِ وفوح أنوثتكِ.

كلَّ يومٍ، يا سيّدتي،
أريدُ أن أمتلئ منكِ،
ولا أرتوي،
أريد أن أستزيدَ منكِ،
وأبقى كالصحراء لا ترويني غيرُ ينابيع جنسكِ،
وأبقى شرهًا إلى حبّكِ،
لا يوقفني عنه شيءٌ،
إلا تغييرُ مجاري أنهاركِ،
إلى أقنيةٍ،
لصحاري لفحتها رمالُ القهرِ نحوكِ.

لا تعتقدي، يا سيّدتي،
أنَ غضبكِ يُزعجني،
إنَّه تعبيرٌ منكِ،

في كتابات السماء، يا حبيبتي،
تنزلُ الآياتُ على الأنبياء،
في كتبات الأنبياء تصيرينَ أنتِ معراجي إلى مخابئ عواطفكِ،
وإسرائي إلى دلال خصركِ،
وحلولِ جوهرِ جنسكِ في أعماقِ أعماقِ حبي.

لا تحملي، يا سيّدتي، وشاحَ الإبحارِ في مراكبِ لا تحملً أشرعتي،
فأنا لي فيكِ موانئ يجهلها البحّارةُ الآخرون،
فأنّى وجّهتُ سفني كنتِ أنتِ،
في كلِّ مسالكِ حياتي،
من شروقي إلى أحلامي،
ومن ارتحالي في شرودِ الذهنِ،
أكونُ متنقلاً إلى مشارب ينابيعك
وفيء أنوثتكِ اللذيذ.

كلّما فرحتْ السماءُ، يا حبيبتي،
أعرفُ أنّكِ،
أرسلتِ باقةً من أغمار عواطفكِ،
وكتبتِ في صفحة يدكِ،
أُحِبُكََ…
وأنا أحبّكِ.


ميشال مرقص