الأربعاء، 20 مارس 2013

أيُّها الفينيق!



أيُّها الفينيق!


لم يجد الطائرُ العابرُ،
عُشّه...
تركه قبلَ موسمٍ وهاجر...
وضع ورقةً خضراء عند الباب،
علامةً ...
سقطتْ العلامة ...
لمْ يفهمْ العصفورُ الصغيرُ
ماذا أصابَ العشَّ،
وقدْ حَمى خمسةَ صغارٍ له...

وأُنثاه
تغمرُ بجناحيها
دفءَ عاطفة ...

صغارهُ صدحوا سنفونية حياة
في السنديانة الخضراء ...
حيثُ تنسمُ ريحٌ
تَنقلُ نسغَ حرّيةٍ تسمو بالأجنحةِ الصغيرة
لتواجهَ الريح....

الطائرُ الصغيرُ العائدُ
لمْ يجدْ عنوانًا لبيته ...
الطائرُ الصغيرُ يُنكرُ أنّ بيتًا تركه في زهوِ جماله لم يعُدْ بالجمالِ ذاته،
صار البيتُ ركامًا...
سقطَ الرمادُ على رأسه...

سقطتْ قذيفةٌ على البيت،
دمّرتُه سيّارةٌ مفخخة،
أصابتهُ هجماتُ برابرة،
هدّمتهُ جرّافة،
لتُقيمَ بيتًا آخر،
بيتًا لا حنانَ فيهِ ولا أُلفة...
هجمَ عليهِ أصوليون وفتكوا في أوصاله...

كان يفهم لو دمّره زلزالٌ
كانَ يُدرِك لو أزالته موجةٌ مدّية...
لو نسفتْ أعاصيرُ سقفه...

لكّنْ التبسَ عليه أن يُدرِكَ
كيفَ هدموا بيتَه...
كيف سرقوا هويّتَه من عينيه...
كيفَ نهبوا لونَ عينيه من هويتِه...
كيفَ صارَ الوطنُ
مرقَ سواطير وحساء لِحى...

ولأنّهُ يعشقُ بيتَه حتّى التحرير...
صفقّت أنثاهُ بجوانحها
وحملتْ قشّةً
تُزقزقُ لها ...
تحبكها لبناء عشٍّ بهندسة العاطفةِ ذاتها...
لتورقَ السنديانةُ من جديد
وتُزهرُ الطبيعة ...

فربيعُ العصافيرُ
حُرّية
لا يفهمها الآخرون ...

أيّها "الفينيق"...



ميشال مرقص
 

أبحثُ عنكِ ... لأستعيدَ هوّيةَ عينَيَّ


أبحثُ عنكِ ... لأستعيدَ هوّيةَ عينَيَّ


              اللوحة - سلفادور دالي

 
أبحثُ عن هدوءِ أنوثتِكِ
في ليالي المُدنِ الثائرةِ على ذاتها،
تغتالني
الأرصفةُ في نُسكها،
المائتونَ فوق أراكيلها يحتسونَ شراب الهمّ
ويُدخنونَ
جنونَ الهذيان...
تصوّري معي
كيف تغيّرتْ معالمُ الضحكات،
كيف فقدت الابتساماتُ ديكورها البسيط الهادئ،
كيفَ أنّْ
بلاهة التحيّاتِ
تحفرُ على جدرانِ المدينة الخليعة،
مجونَ اللوثة...
نمضي يا سيّدتي،
إلى الحلمِ،
نصطادُ في الشباك المهترئة...
عباءاتٍ تنفضُ رمالَ الحضارات الجوفية...
أبحثُ عنكِ
لأستعيدَ هويّةَ عينيَّ،
كنتُ أنتظرُكِ،
وأعرفُ كيفَ أنّ لونَ شعركِ
يُضيءُ شمس النهار،
فتلوّنُ الأرصفةُ جبينها،
وأذوبُ لهفةً وأنا أنسحبُ إليكِ من ذاتي...
لمْ تعدِ المدينةُ،
من عُمرِ شبابنا،
ولا في أهمّيةِ طموحاتنا،
ولا في مستوى أحلامنا...
نسيتْ كؤوسَ شفاهنا،
وهي ترتمي في أحضان الغُربة،
وتنعى هيكلها العظميّ...



لا تنسيّ يا سيّدتي،
يديكِ بين يديَّ،
لقد أزهرتْ المدينةُ...
وشُفيتُ من جنوني...
ها أنا
أحملُ ابتسامتي وأمشي،
وأخشى أنّ مسامَ يدي،
لا تنسى
رسائلَ الصمتِ
المشبوب،
بودِّ الأنوثة..
ميشال مرقص

لا تكوني خارجَ الإطار..


لا تكوني خارجَ الإطار..


                                        المرآة - وليم ميريت شايز – 1883

تمرُّ بنا الأيّامُ، يا سيّدتي،
وأنتِ في خِبائكِ الأرجواني، تختبئينَ مثلَ الملكات،
وتحاصرينَ ذاتكِ مثلَ الملكات،
وتغتالينَ عواطفكِ كما تفعلُ الملكات....
شيءٌ ما، يا سيّدتي،
توسّدَ شفاهي،
صارتْ شفاهي حطبًا،
صار جمرُ العواطف باردًا،
فأنتِ تقفين ضمنَ سياجِ الحمايةِ الذاتية ، في كلّ شيء، وكلِّ السلوكياتِ والمواقف،
وتقيمينَ السدودَ لعواطفي الهادرةِ نحوكِ.... وإليكِ.
لا أحبُّ، يا سيّدتي، أن تكوني خارجَ الإطار،
الصورُ التي تبقى خارجَ الإطار،
يتآكلها الزمنُ،
وتصيرُ تاريخًا،
وتصيرُ نسيانًا باهتًا،
وأنا لوّنتُ أشعاري بجاذبيّتكِ،
وبألوانِ أنوثتكِ،
وتواشيحِ بوحكِ الصامت،
وعينيكِ الحائرتين وراءَ قلقٍ مجهول العناوين والهويّة،
فجعلتُ من أحلامي وطنًا لكِ،
ومن عواطفي هويّةً ...
فأنتِ أنتِ في كلِّ حرفٍ وكلِّ بوحٍ ونبْضٍ،
فلا تقيمي في صحراءَ لا تُنبتُ لكِ ورودَ عشقي....

(...)
ميشال مرقص

الاثنين، 4 مارس 2013

صباح الخير


صباح الخير



1

عندما يُشرِقُ وجهُكِ
تنقبضُ مساحةُ المدى...

حدودُ بهجتي
لا أوسعَ مما أنتِ...

"لا حدود" ...

2

الدَعوةُ الصباحيةُ،
أنْ أقولَ لكِ صباحَ الخير...

الغرقُ في وجهِكِ
يتبدّى رونقَ النهار...

أنتِ تتجلّينَ جمالاتٍ...
تقترفينَ بهجةً وسعادةً...

3

القُبلةُ قبلَ أنْ تفترَّ شفتاكِ...

4

لا أعرفُ أنْ أهديكِ
إلاّ ابتسامتي...

الزهرُ يُعرفُ من عِبيره...

5

لا تبحثي عنّي في أشيائكِ...
مهما تكنِ الذكرياتُ...

القلبُ كتابٌ لا يُمحى...


ميشال مرقص



لا تتفلّتي من عناقي


لا تتفلّتي من عناقي

                 فيرنون وارد (1905-1985)

تترقرقينَ
في زقزقةِ العصافيرِ،
الصباحُ
يفتحُ عينيهِ
على ورودِ أحلامِكِ...

تحملينَ براعمَ
النغمةِ الآتيةِ على أجنحةِ الريحِ،
تأتينَ
في رؤى المنامِ
وقدْ ارتدتْ لكِ شفافيةِ الليلِ الفائتِ...

كيفَ لا تكونين
وعبقُ أحواضِ الزهورِ
ينتشي بكِ؟
كأنّما أنتِ إغماضةُ عينٍ في سكرةِ عشقٍ،
كأنّما أنتِ
نشوةُ حواس،
تتهافتينَ إلى أنفاسي...

تتراكضينَ
في ميادين بوحي،

تتلاحقينَ أزهارَ الأشواقِ الهائمةِ حولَ همساتِ عُريكِ...


أشعرُكِ
في ألوانِ عينيّ تهتفُ لاشتياقِ العناقِ،

ألمسُكِ
في أريجِ الياسمين الهاربِ من لفحةِ صقيع،

أغمِرُكِ
في خيوط الشمس الخائفةِ وراء غيومِ الشتاء،

تنطلقينَ فيَّ
مروجَ الإطمئنانِ إلى إبتساماتِ إغواء..

كلّما أحببتُكِ
يستديرُ القمرُ فوقَ صدرِكِ
يلتقطُ أنفاسَ الإختلاج....

تصيرينَ
تقاطعَ حِواراتِ العيونِ
وكلماتِ الجسد،

تصيرينَ
التصاقَ الذاتِ بالذاتِ،
كينونةَ ملاذٍ إلى ارتعاشاتِ جسدي،

آخذُكِ
مثلَ جوهرِ النورِ
يخترقُ ذرّاتِ الخمور...

نبيذُكِ
يترقرقُ فوقَ مساماتِ عُريكِ،

لولادةٍ
يتفجّرُ طَلُقُها عن جنونٍ عشقٍ
يُباركُ فيَّ جسدَكِ
يُهلّلُ لكِ جسدي...

...

لا تتفلّتي
من عناقي...

تفقدُ السماءُ براءتها

ميشال مرقص