الثلاثاء، 13 ديسمبر 2011

إبتسامتُكِ

ابتسامتُك        


               


   إمراة الربيع - للفرنسي إميل فرنون (1872 -1919) 

تجتاحُني عناقيد الرغبة،                   
عند أبواب الحياءِ،                   
تُغلّفُ متعةَ الابتسامة الرهيفة،             
حالمةً بالاشتهاءِ                
في انكسارِ عينين،                   
يلمع ضؤهما                   
كأسرار العاشقين.                   

أنتِ                           
في طُمِأْنينةِ الأنوثة،                 
تختارين كروم اللهفة الباردة،              
تجرّحين جسدكِ                
بالأبجدية الخرساء،
حين تتساقطُ سمفونيات العشقِ                             
عند قدميكِ،                         
كشعر المجدلية                      
تائباً من رعشة الخطيئة.  
                                               
هوذا يا جميلتي                      
لفْحُ البوحِ،                     
تائهاً عند أوراق الحنين،
ضارعًا في حروفه وفواصله،        
باسطاً دِفْءَهُ فوق جناحيك،          
هائماً بكِ، إلى مائدة شفافيتكِ.
                                               
هوذا                                
خمرُ الأزمنة العتيقة،                
يغسلُ نهديكِ فترتعشُ الكروم،             
وينسكبُ عند خصركِ                
وفوق سرّتكِ،                        
فينكسرُ الكأس
رهافةً                               
لانعتاق ملامسكِ إلى شفافية الأحلام.       
                               
هوذا العطرُ المقطّرُ من ملامح وجهي،     
من مساكب الطيبِ،                  

في حنايا أشواقي،    

ينسكبُ
بساطاً ملائكيَّ النفحِِ،
أمام عريكِ.

أنتِ
ولا الاشتهاءُ الأطيب،
ولا اللهفةُ
على كبرياءِ البَوْحِِ.

عندما تبتسمين
يا جميلتي،
ينكسرُ جدارُ البراءة،
ينهشني وجعُ الدهشة والحنو،
تصيرين أنتِ
حكايات كل مسامٍ من مساماتي،
تصيرين الفرح الزئبقي،
وبكِ
تكون خاتمةُ
العشق المصلوب
فوق أشعةِ وجهكِ
الغارق فيِ شفافية الامتناع.

عندما تطوين السنوات
يا جميلتي،
تكتشفين،
كم سقطت حبوب القمح ولم تثمر،
وكم يلزم العمر،
ليملأ الخوابي العتيقة،
بما هو أشهى، ومنتهى الأشهى،
من الخمر المكثّف،
تطيّبُه شفتاكِ.

يا جميلتي،
إن الأشدُّ وجعاً، في الرواية الحلوة،
أنها لم تبدأ،
لكي تنتهي.
وحدها ابتسامتكِ
هي النور المتولّد من اللآلئ المسحورة.
                                              ميشال




 

الأحد، 11 ديسمبر 2011

جنائن العشق

جنائنُ العُشق
                        "إلهام الشاعر" - زيتية لـ نيكولا بوسين - فرنسي - 1629-163


تعمّقتُ في أبجديةِ خطوطِ يديَّ،
هجَّأْتُ تعابيرَ خطِّ القلبِ،
وموشّحاتِ الحُبِّ،
وشِعابِ رسومِ الشوقِ والشهوةِ...
فعابني عجزي عن إدراكِ إطلالتكِ،
في اللوحةِ السحرية.

شهدْتُكِ تصعدينَ إنسيابَ التعرّجاتِ،
آتيةً
من بوحِ الشوقِ،
وزُرقةِ سماء البوحِ المترامي
في محيطِ عينيكِ.

وحدي تختارُني الدهشةُ،
إلى براعمَ عشِقَتْ نبيذَ الاشتياق،
وفتحَتْ في أشواقي،
كتابًا جديدًا،
فصلاً جديدًا،
حرفًا جديدًا...
ونَفَضَتْ غبار الزمنِ
عن شهوةِ القِنديلِ العتيقِ،
الذي لوّنَ أمسياتِ الحبِّ،
-     للقرصانِ العاشقِ-
قربَ ساريةِ الشِراعِ المتمادي،
فوقَ سُرَّةِ لذائذكِ
ودفءِ نهديكِ...
وأنتِ تحملينَ إليَّ
صواعقَ الابتهاجِ
المنسيِّ عندَ شفتيكِ...
بعيدًا... تسرقانِ الشهدَ البريَّ،
همجيّتانِ...
تكادان تخترقانِ رئتيَّ،
وتغلقانِ أضلعي
ضِفّتين،
وتجعلانِ من صحراءِ لهفتي،
واحةً
تعبرها سنونواتُ الحبِّ
ووشوشاتُ الفراشات...

كلّما قرَأْتُ أبجديَّةَ الحبِّ
في خطوطِ يدي...
رأَيْتُني أتهادى نحوَ قُطبكِ،
منجذبًا
تائهًا في عجائب أنوثتكِ...
أقفُ كالصنمِ حينًا...
وأُبحِرُ بعيدًا عن ذاتي
في مجاهلَ لذّةٍ تتوسّدُ شفاهي
وتقتلِعُ جذوري من مسامها
إلى مدارٍ يقوى جاذبيةً
على مدارِ افتتاني بكِ...

لا أزالُ يا سيّدتي،
أتعلّمُ أبجديَّتَكِ.
لا أزالُ أُفَتِّشُ عن حلِّ ألغازِ
حروفِكِ...
لكنّني أخشى يا سيّدتي،
أنْ تصيرَ مسامي كلُّها
متلَهِّفَةً إلى الإلتصاقِ بعريكِ،
فلا أقوى أنْ تكوني شمسها...
وأنا أحترقُ
لأصيرَ فاتحًا همجيًّا،
أروِّضُ طغيانَ جنسِكِ
وأفرِشُ لقدميكِ
طريقًا إلى عشقي،
تُمطِرُ ضوءًا سخريًّا
لعبوركِ إليَّ....

ميشال







الجمعة، 9 ديسمبر 2011

إختراقاتُ ضوءٍ

إختراقاتُ ضوءٍ

1
تحبلين بي،
ساعةَ يجذبني عُشقُكِ
إلى رحم الشهوة.
وفي معصيةٍ،
تُولدينَ
كما الغنجُ من خاصرةٍ...
2
تكونين أنتِ،
حيثُ تعشقينَ،
نكهةً متميّزةً
ذاتيّةَ الاختباء.
3
لكن
أنتِ تَنبتينَ في أشعاري،
يصيرُ العشقُ طوباويًّا...
أختفي من اللوحة،
تصيرين أنتِ
حبرًا مسفوحًا فوقَ أضلعي،
ومِدادًا
في لهاثي...

4
الغربةُ في الجسدِ
صلاةٌ بلا ابتهالٍ.
سِمَةٌ لعبورٍ،
نشيدُ إنشادٍ
يتساقطُ عسلاً
بينَ الفواصل...
يجذبني عُريُكِ
إبتهالاً...

5
لا تغتالي
تثاؤبَ القدَرِ
أخشى
من عينيكِ...
منارتا دفءٍ
إلى طيشٍ
في متاهاتِ أنوثتكِ

6
لدى تعارفنا
كنّا نفتقدُ تقنياتِ التواصل،
قويَ حَدْسُنا،
و... تعافى التخاطرُ.

7
يحضرُ صوتُكِ
من هَدْأةِ التاريخ،
نغمًا
تلفحُهُ أسرارُ
أهراماتٍ..
حيثُ...
محورُ الشمسِ
يهتُفُ لكِ
شروقَ أغنية...

ميشال


الثلاثاء، 6 ديسمبر 2011

سنابل العمر

سنابلُ العمر

يتركُ الصدَأُ عنوانَهُ،
عند نهايةِ الرغبةِ،
ويتلاشى بوحُ المسافاتِ.
فالفراشات أنهكها صقيعُ الابتهاج،
نثرتْ ألوانَها
على بساط التلفِ..

كلّما جمعنا سنابل العمر
عبقَ طيبُ قمحكِ
في أهراءاتِ طيوبي.

معًا...
كانَتْ دوالي الخصب
تَسكَرُ مما في كأسي
وترتاحُ،
وترًا عَكَسَهُ رنينُ الحسِّ المشاكس
في لولب الترنّح...

أستعيدُكِ في زمني
صدى شرفةِ الشوق،
وأرحلُ في عبورِ الذات
مدى ألوانِ سحركِ،
فالإطارُ خلع تسريحةَ الصورة
وسقطَ ستارُ الضوء
إلى حدائق لذائذكِ.

شهيّةٌ أنتِ.
مثل مطرِ العواطف في صحراء الشبقِ،
كانت محطّتُكِ رغبةً بين فواصل الشهدِ
فسقطَ حصانُكِ الأبيض..
كتبَ أسطورته..
وألقى بذور خصبه في رحمِ الرغباتِ،
تلتقيهِ كالفراشة المضيئة
عندما تسمعُ حكايةَ السقوطِ والغربةِ،
فتجلسين عندما باب الفراغ
تحملين زادًا يابسًا
وقواقعَ الزمن المنسي
على الصفحة الأخيرة من الكتاب.

أسقطتِ يا سيّدتي طقوسي،
أسدَلتِ شعرَ أنوثتكِ،
على صفحاتِ لهفتي
حبستِ عصير أشواقكِ
في براعم الالتماس،
ووقفتِ عندَ حافّةِ الهروب
تلوّحين بالصمتِ
وتنزفين لامبالاة؟
تُعرّيكِ لمسةُ الشهوة،
تستفزّكِ
آهةٌ.. فقرةٌ
تستشعرُ نضوبَ ينابيعكِ
تنفحُ
في طينكِ
إمرأةً ثانيةً
من ضلعِ الرغبة.
وثانيةً..
تُفضلين الهروب من الفردوس
تنثرين الإثارة
في صمت الاحتمالات المريحة!

ميشال


الخميس، 1 ديسمبر 2011

عيناكِ والحزن

عيناك والحزنُ

      كآبة - للفناّنة الأرجنتينية إستلاّ برتولي - 13 تشرين الأول 2011   


لماذا يُقيمُ الحزنُ في عينيكِ،
لماذا يمسحُ الحزنُ بريقهما،
ويلوّنُ صفاءهما بانكسارٍ حنونٍ؟

أُبحرُ في حزنِ عينيكِ،
واعبرُ إلى ذلكِ السؤال المكتومِ في تعبيرهما،
وتجتاحني رغبةٌ أن أسْبرَ عميقَ شعوركِ،
وأستخرجَ لؤلؤ أنوثتكِ من شعابِ مرجانِ الحزنِ في البحيرتين الغامضتينِ بالأسرار.

أشعرُ،
أنني معنيٌّ بهذا الحزنِ،
أنني مستهدفٌ بهذا البوح،
أنني، منْ ترغبين في اللجوء إليه،
والارتماءِ في أرجوحةِ أشواقه،
وأن تنسي،
أنّ الأرضَ تدورُ حولَ الشمس،
فهي تدورُ حولكِ،
وهي تصيرُ بمساحةِ يديكِ،
وحلمِ الاشتياقِ إلى البوحِ بالحزنِ العميق.

يَتبادرُ إلى أحاسيسي، يا سيّدتي،
أنّكِ،
مثلَ الكنوزِ المرصودةِ،
يُغلقُ حزنكِ على العشق واللهفة،
ولا يفتحُ إلا لمن يعرفُ أن يكتشفَ رموزَ الرصدِ،
من يعرفُ كيفَ يُبحرُ في بحركِ،
من يعرفُ أن يغوصَ إلى أغوارِ عواطفكِ،
من يعرفُ أن يحلم كيفَ يجعلُ من زنديه أرجوحةً للقمر، تليقُ بكِ،
ويجعلَ من صدرهِ،
فيضًا من الحنو والاشتياق.

حُزنكِ، يا سيّدتي، يشقُ أمواجَ عمقي،
يخترقُ جاذبيّةَ كوكبي،
يترصّدُ نسائمَ عشقي لكِ،
ويتركني أمامَ حضوره عاجزًا أن أمحو وجعه فيكِ.

إنّه، يا سيّدتي،
يجولُ معكِ في كوكبةِ العمرِ،
ويدورُ في مسارِ الذكرياتِ، وحواشي الزمنِ،
يقفُ في محطّةِ الارتحالِ إلى مرفأٍ يخبّئ لكِ، هدايا الفرحِ الطفولي.

تحملُ عيناكِ، يا سيّدتي،
التماسًا،
تحملُ عطشًا،
تسترسلُ فيهما عناقيدُ الدعوةِ إلى الانتشالِ.
تُنبئُ عيناكِ بهيكلِ مشاعركِ،
كيفَ تزحفُ حكاياتُ الشوقِ من منابعِ أنوثتكِ،
إلى ذلكِ البحرِ الكبير الذي اسمهُ حزنُ العاطفة.


أقفُ يا سيّدتي، أمام هذا الهيكلِ،
أتدفَّقُ بوحًا وحبُّا واشتياقا،
أتمنّى لو أستطيعَ أن امسحَ جبينكِ بمنديلِ حناني،
وأغمضُ عينيكِ بقبلةٍ تحوّلُ بريقَ الحزنِ إلى اطمئنانٍ عميق،
ترتمينَ في أحضانه،
خارجِ تحصيناتِ القلقِ،
وبعيدًا عن بواباتِ الخوفِ،
أميرةً في حدائقِ عيني،
وحالمةً بأرجوحةٍ من جدائل النور.

أعطني، يا جميلتي،
أن أصيرَ في عينيك،
قادرًا على اجتراحِ المعجزاتِ.
أحوّلُ حزنهما فرحًا، وقلقهما اطمئنانًا.
أن تصير عيناكِ، أرجوحة أحلامي،
يخفقُ قلبي لهما،
كلّما تناغمت أجفانهما بين الإغماضِ والرفيف.

لا أحبُ الحزنَ في عينيكِ،
رغمَ أنه يمنحهما جاذبَ الإغراء العميق،
أحبُّ أن تُعششِ سنونواتُ قلبي فيهما،
أن تنمو حدائقُ عينيَّ فيهما،
أن انظرَ بعينيكِ فأرى ذاتي،
 وأنظرَ بعينيكِ، فأراكِ.
لم اعد أعرفُ، يا سيّدتي
إذا كنتُ أعيشُ بعيدًا عنهما،
فهما في خيالي حاملتين ذلك الحزنِ العذب،
والغنجِ المترفِ بعشقٍ خفيّ.

سيّدتي،
لا أزالُ  في إبحاري إليكِ،
أعانقُ موجكِ،
أقاومُ تيّاراتِ الإبعادِ عن الوصولِ إلى مرافئكِ،
أتحفّزُ لأجتازَ الأمواجَ العاتية،
وأخترقُ جاذبيةَ القدر،
الذي صنعَ لي أجنحةً،
ولم يفتح أبواب قفص حبّكِ أمامي،
لأدخلَ،
وأضمكِ بجناحي،
وأختفي في صدركِ،
مثلَ نسمة العطرِ،
وأحبّكِ!



ميشالَ