الخميس، 1 ديسمبر 2011

عيناكِ والحزن

عيناك والحزنُ

      كآبة - للفناّنة الأرجنتينية إستلاّ برتولي - 13 تشرين الأول 2011   


لماذا يُقيمُ الحزنُ في عينيكِ،
لماذا يمسحُ الحزنُ بريقهما،
ويلوّنُ صفاءهما بانكسارٍ حنونٍ؟

أُبحرُ في حزنِ عينيكِ،
واعبرُ إلى ذلكِ السؤال المكتومِ في تعبيرهما،
وتجتاحني رغبةٌ أن أسْبرَ عميقَ شعوركِ،
وأستخرجَ لؤلؤ أنوثتكِ من شعابِ مرجانِ الحزنِ في البحيرتين الغامضتينِ بالأسرار.

أشعرُ،
أنني معنيٌّ بهذا الحزنِ،
أنني مستهدفٌ بهذا البوح،
أنني، منْ ترغبين في اللجوء إليه،
والارتماءِ في أرجوحةِ أشواقه،
وأن تنسي،
أنّ الأرضَ تدورُ حولَ الشمس،
فهي تدورُ حولكِ،
وهي تصيرُ بمساحةِ يديكِ،
وحلمِ الاشتياقِ إلى البوحِ بالحزنِ العميق.

يَتبادرُ إلى أحاسيسي، يا سيّدتي،
أنّكِ،
مثلَ الكنوزِ المرصودةِ،
يُغلقُ حزنكِ على العشق واللهفة،
ولا يفتحُ إلا لمن يعرفُ أن يكتشفَ رموزَ الرصدِ،
من يعرفُ كيفَ يُبحرُ في بحركِ،
من يعرفُ أن يغوصَ إلى أغوارِ عواطفكِ،
من يعرفُ أن يحلم كيفَ يجعلُ من زنديه أرجوحةً للقمر، تليقُ بكِ،
ويجعلَ من صدرهِ،
فيضًا من الحنو والاشتياق.

حُزنكِ، يا سيّدتي، يشقُ أمواجَ عمقي،
يخترقُ جاذبيّةَ كوكبي،
يترصّدُ نسائمَ عشقي لكِ،
ويتركني أمامَ حضوره عاجزًا أن أمحو وجعه فيكِ.

إنّه، يا سيّدتي،
يجولُ معكِ في كوكبةِ العمرِ،
ويدورُ في مسارِ الذكرياتِ، وحواشي الزمنِ،
يقفُ في محطّةِ الارتحالِ إلى مرفأٍ يخبّئ لكِ، هدايا الفرحِ الطفولي.

تحملُ عيناكِ، يا سيّدتي،
التماسًا،
تحملُ عطشًا،
تسترسلُ فيهما عناقيدُ الدعوةِ إلى الانتشالِ.
تُنبئُ عيناكِ بهيكلِ مشاعركِ،
كيفَ تزحفُ حكاياتُ الشوقِ من منابعِ أنوثتكِ،
إلى ذلكِ البحرِ الكبير الذي اسمهُ حزنُ العاطفة.


أقفُ يا سيّدتي، أمام هذا الهيكلِ،
أتدفَّقُ بوحًا وحبُّا واشتياقا،
أتمنّى لو أستطيعَ أن امسحَ جبينكِ بمنديلِ حناني،
وأغمضُ عينيكِ بقبلةٍ تحوّلُ بريقَ الحزنِ إلى اطمئنانٍ عميق،
ترتمينَ في أحضانه،
خارجِ تحصيناتِ القلقِ،
وبعيدًا عن بواباتِ الخوفِ،
أميرةً في حدائقِ عيني،
وحالمةً بأرجوحةٍ من جدائل النور.

أعطني، يا جميلتي،
أن أصيرَ في عينيك،
قادرًا على اجتراحِ المعجزاتِ.
أحوّلُ حزنهما فرحًا، وقلقهما اطمئنانًا.
أن تصير عيناكِ، أرجوحة أحلامي،
يخفقُ قلبي لهما،
كلّما تناغمت أجفانهما بين الإغماضِ والرفيف.

لا أحبُ الحزنَ في عينيكِ،
رغمَ أنه يمنحهما جاذبَ الإغراء العميق،
أحبُّ أن تُعششِ سنونواتُ قلبي فيهما،
أن تنمو حدائقُ عينيَّ فيهما،
أن انظرَ بعينيكِ فأرى ذاتي،
 وأنظرَ بعينيكِ، فأراكِ.
لم اعد أعرفُ، يا سيّدتي
إذا كنتُ أعيشُ بعيدًا عنهما،
فهما في خيالي حاملتين ذلك الحزنِ العذب،
والغنجِ المترفِ بعشقٍ خفيّ.

سيّدتي،
لا أزالُ  في إبحاري إليكِ،
أعانقُ موجكِ،
أقاومُ تيّاراتِ الإبعادِ عن الوصولِ إلى مرافئكِ،
أتحفّزُ لأجتازَ الأمواجَ العاتية،
وأخترقُ جاذبيةَ القدر،
الذي صنعَ لي أجنحةً،
ولم يفتح أبواب قفص حبّكِ أمامي،
لأدخلَ،
وأضمكِ بجناحي،
وأختفي في صدركِ،
مثلَ نسمة العطرِ،
وأحبّكِ!



ميشالَ


















هناك تعليق واحد:

  1. الله يا صديقي كم أسرتك عيون أميرتك الحزينة وأنصحك ألاّ تعصيها عملاً بقول شيخنا العمودي:
    سهمك المجنون سرٌّ غامضٌ / لستُ ادري يا ملاكي ما يكونْ
    هل طويت الكون في سهم الهوى / ليت لي فهمٌ بأسرار العيون
    إنْ يكن سهمٌ وحيدٌ هدّني / كيف حالي عندما أعصي الجفون

    ردحذف