الخميس، 27 أكتوبر 2022

أعيشُكِ حبًّا

 أعيشُكِ حبًّا

 

Erasmus Quellinus II (1607-1678)

  

***

 

يحملُ كيوبيدو

قوسه وسهمه...

 

يحملُ بيديه برج القوسِ...

 

يعصبُ عينيه

ويرمي بسهامهِ/

عشوائيًا ...

 

ولا يُصيبُ القوسُ بسهمه

سوى

من يرغب كيوبيدو /

بذلك...

 

هو العصبُ الأعمى

للعشقِ ...

 

تلكَ حقيقةٌ/

يحملُها عاشقون

ويغرقُ فيها عاشقون

ويرتوي منها عاشقون ...

 

***

 

أقلبي يا سيّدتي

أوراق دفتر عشقِكِ/

الولهُ

المكتوبِ بالحبر الأبيض/

الرسمُ الموشومُ

بغيومٍ

تتدفقُ من ينابيع الرغبات...

 

أقلبي يا سيّدتي

صفحاتِ دفتر عشقكِ/

وتوقّفي

عند صفحةٍ/

قد لا يبقى عليها/

عطرُ الكتابةِ طويلًا/

 

لأنّ هذا العطرَ يشتاقُ

إلى مرورِ أصابعِكِ...

 

إلى اللمسِ

المتناهي في شرايينِهِ

الدقيقة/

بطراوة أنوثتِكِ ...

 

كلُّ سهمٍ طائشٍ لا يعرفُ الحبّ/

كلُّ عينٍ راغبةٍ

لا تعرفُ الحبّ...

 

الحبُّ لا يختبئُ/

الحبُّ يحملُ جناحي ملاكٍ/

يُرفرفُ

على ساريةِ الحقيقة ...

 

من يختبئ من حقيقة من يُحبّ

لا يعرف الحبّ...

 

من يختبئ منه / من يُحبّه

لا يستأهلُ الحبّ...

 

الحبُّ جوهرةٌ

تُشعُّ متى رأت ذاتها على عُنُقِكِ...

 

ويا سيّدتي/

أنا أحملُ إليكِ أقدامَ الزهور الجميلة/

وأنقلُ

أفاويه العشقِ/

ونداوةَ الرغبة/

وحنين الموسيقى/

وانعتاق الزمن من خواصر السجن...

 

أحلمُ بغيمةٍ تمشين من على فوقِها/

لأحملها تعويذةَ عشقٍ/

بماء تغتسلين به/

فيصيرَ نقيًّا ...

تتناثرُ ذرّاتُه عطرًا ...

 

بقميصِ نومِكِ

وهو يتنفّسُ عطر خلايا بدنِك...

 

أحلمُ

أن أراكِ نائمةً غافية/

لأشعر كيف تمرّ الأحلام بهناء/

في مرآةِ عينيكِ/

لآراكِ

تغرقين في شعرِكِ/

الطويلِ المتماهي مع أشعّةِ الشمسِ/

لأشهدَ

على ولادة النورِ...

 

أرغبُ

في أن أتنسمّ أنفاسَ رئتيكِ/

لأبحثَ عن شغفي فيه ...

 

لأفتشّ عن عناوين رحيلي/

فانا اختبئُ

في الهواء

لأصيرَ نحيلًا يليقُ بكِ...

 

*** 

 

يحملُ كوبيدو

قوسه وسهامه

ويعصبُ عينيه...

 

حتى لا يُصوّب باتجاهٍ

يُريدُه لنفسِه...

 

تلك الرغبات

كأنّها شواهق لأننا نريدها ...

 

وها أنا أعشقُ

ديمومةَ شغفي لكِ

وأعيشَكِ

حبًّا...

 

ميشال مرقص

14 شباط 2021

الجمعة، 21 أكتوبر 2022

عندما نتحوّلُ إلى عددٍ ما بين الأعداد

 عندما نتحوّلُ إلى عددٍ ما بين الأعداد

 

Henry Ryland (1856-1924)

 

***

 

يقطفُ الخريفُ ابتسامته

المتراخية...

 

يفقدُ

عبارة السخاء المشحون بالشهقة...

 

يتشقّقُ...

 

يُطيلُ أمدَ ساعاتِه/

بعد  أنْ يتطاولَ الليلُ

ويسرقها من نهاراتِه...

 

يستحي الخريفُ

من أنْ تتناثرَ أوراقُ عُريه/

ويتركَ شجنًا

يتغلغلُ بسحرٍ/

 بين نسائم

خيالاتِ الأشجار...

 

يتعرّى الخريفُ

في مرآتِ عينيّ/

مثلَ شهوةٍ جائرةٍ/

تتركُ وشمها ظاهرًا

على بدنِ العشقِ الواهنِ/

من لامبالاة ...

 

هي الطبيعةُ

تنسحبُ على صفحاتِ

بدنها/

كما نزواتُ الجسمِ

في أعماقِ دلالاته/

المتشاكسةِ

مثلَ حبائل الشهواتِ ...

 

يُقلقُ الخريفُ مجرّاتٍ

حُبلى بِشُهُبٍ متفلّتة/

في أبعاد الفضاء ...

 

يتركُ لنا دهشةً سرابيّة/

تُشبُه علاقاتٍ عاطفية

أفلتَ زمنها من إطارِ الذاتِ ...

 

لا يُشبهُ اشتعالُ العشقِ/

ثورانَ بركانٍ...

 

هو أيضًا -  رغم استمراريتهِ –

يفقدُ

ثورانه المتقّد

في بدايات عبورهِ قشرة الأرض ...

 

نسعى وراء علاقاتٍ حميمة...

 

نرتكبُ

عقدة كَسْبها وخسارتها...

 

نثورُ في عواطفنا...

 

نتكابدُ ولعًا وجوعا وعطشًا/

من أجلِ وجعٍ لذيذٍ مؤلم...

 

ولا يمتلئُ جوفُ العشق

من حمم الوجدِ ...

 

يأتي الخريفُ ليتركَ لوحةً

جماليّةً/

من عناوين الغمِّ...

 

المسحةِ السحرية الكئيبة...

 

الرعشة الحزينة

الشهيّة...

 

الحبّ المكبوتِ

في نسيج عنكبوتٍ ...

 

في أحيانٍ

نتوجّعُ من وحدانيّةٍ /

تغمرنا بوشوشةٍ قاتمة ...

 

لكنّها أشدُّ التصاقًا بواقعِ/

حيثُ يكثرُ أصدقاء

ونبقى في ما بينهم/

في وحدانيّةٍ

أشدِّ قتامًا...

 

أنْ تعيشَ حبًّا

يملأكَ فرحًا وسعادة/

ويترككَ منجذبًا إل من تُحبّ

في فورانٍ بركانيٍّ!

 

لهو أكثرُ إشراقًا من جمهرةِ أصدقاء

هامشيّين...

 

في الصداقة أيضًا

الواحدُ هو أساس ...

 

عندما يكثرُ من نُسمّيهم أصدقاء

تتقلّصُ الصداقة ...

 

الكثرة تُخفّضُ الثمن/

قاعدة اقتصادية ...

وإجتماعيّة أيًضًا ...

 

الصداقةُ الصداقة/

 عشقٌ من نوع آخر ...

 

الكثرةُ هي زبائنيّة ...

 

في الكثرةِ تمييز ...

 

الصداقةُ لا تُميّز

الحبُّ لا يُميّز ...

 

الصداقات تنوّعٌ/

نسيجٌ قدْ يُبهج/

وقد يُسلّي ...

 

لكنّ الصديق الصديق/

هو عشقٌ

يتوبُ عن حميميّة جسد ...

 

هو خازنُ حالنا/

هو سبيلنا إلى ساعدٍ

نتأبّطُ به ...

 

وسند نتّكئُ عليه ...

 

عندما يتكاثرُ من نُسمّيهم أصدقاء

يحلُّ خريفٌ...

 

يتناثرون مثل أوراق الأشجار

في مواقيت مختلفة ...

 

نحنُ نحملُ عُري ذواتنا/

ونستظلّ تلك الأشجار

التي لا تقي من شمسِ خريفٍ

أشدُّ

حُرقةً مما هي في صيف!

 

هكذا

يتركُ لنا الخريف

لوحةً

تتماهى مع واقع حالنا ...

عندما

نصيرُ عددا ما بين أعداد ...

نفتقدُ إلى الإهتمام!

 

ميشال مرقص

12 ت1 2021