الخميس، 15 سبتمبر 2011

من الأعماق



كيف يعيش المرء، يا صديقتي، بلا يوميات!
باهتًا كالأزهار بلا لونٍ،
ومثل عطرٍ كُتِمَ عبيرُه،
وحروفٍ لا تنبضُ بالعاطفة والدفء؟

هل علينا أن نرسمَ الهواء على صفحة الماء؟
ونلعب بالريح ونلتقط أنفاسَ العصافير؟
ونلاحقَ فراشات أحلامنا ونلهث من التعبِ بعد أن تعصى علينا؟

هل يعيش المرء في ذاته مثل ترس السلحفاة وحلازين المستنقعات،
حاملاً ملل الشوق ورتابة الدوران واصفرار السعادة وكسل الرغبة؟

هل يعيش المرء يزرعُ خواطرَ الكلام وزندقة العواطف وشراسة الضمائر الغافية فوق أعتاب العتمة؟

لماذا يا صديقتي لا نلوّنُ بأحلامنا زرقةَ السماء؟
ونرسمُ بخطانا ألوان الزهور؟
ونغدو بعواطفنا مثل أجنحة الفراشات؟

نخرج من ذاتنا إلى شفافية الآخر،
إلى ملامسة الملائكة في أعين بعضنا،
إلى رؤيا السعادة في عبير النشوة الظامئة إلى الدفء،
نلتقطُ منمنمات الأحرف والفواصل عند مرافئ  همساتنا،
وفي مدارات البوح التائه في نبيذ عواطفنا؟

لماذا لا نكونُ يا صديقتي،
ففي حضوركِ يبحرُ لون المرجان والزمرد،
يصيرُ كسلُ العيون مرآةً لغابة الشموع البنفسجية،
يلتهم الصدى نغمَ أنوثتكِ،
ويُعتقُ دلالُكِ فرسَ المهرجان في رقصِ الساحرات.

يا صديقتي،
وجهك يبقى يوميات الذاكرة،
وعيناك لآلئ الأمنيات،
وجمالاتُ وجهكِ فردوس العناقيد الشهيّة.


تبقين،
أغنية حوريات البحر خلف الأبعاد المنسية،
ساحرةً أناشيدُ طقوسك،
وهادئةً رياحُ عبيرك
ومنعشةً نسائمُ أنوثتكِ.

في الأعماق يا صديقتي
تبقى أغنياتي،
أغنياتِ بحّارٍ عتيقٍ،
يحملُ لكِ أطايب البحار،
ويسكبُ على رجليك الطيبَ،
ويمسح ميرونك على صفحات قلبه،
مزامير فرحٍ،
وأناشيد حقول القمح ونشوة الحبق،

ويحملُ باقات الشعرِ شلال نور لكِ.



                           ميشال
   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق