السبت، 7 يوليو 2012

الزمن

الزمـــن

                                   "الزمن يقطع اجنحة الحب" – أنطوون فاندايك (1599-1641)

الزمنُ، يا صديقتي، يغتالُ أنفاس الأبرياء،
الزمنُ ينزفُ مثل الرمادِ في خاصرةِ الضُعفاء،
يغتصبُ الفرح،
يلاشي الاندفاع إلى الحياة،
ويَسقطُ في حضنِ اللاشيء، سمةً متراكمةً لمستقبلٍ يأتي.

نحنُ يا صديقتي نصيرُ رمادًا للزمن،
تغتالنا الثواني والدقائقُ والساعات والأيام والشهور والسنوات والأجيالُ،
نسقطُ كالرماد بلا فرحٍ،
نقفُ عند موانئ الهروب بلا حقيبة،
بلا أصحاب بلا صداقات بلا أحبّاء بلا عشّاق.

ماذا يكتبُ الولهُ عن عينيكِ في رواياتِ المساء الكئيبة؟
ماذا يلوّنُ العشقُ خصلاتِ شعركِ في ملاعب أصابعي تنسجُ الغنج والفرح؟
كيف يصيرُ الشِعرُ بلوّريّ المشاعر في متاهات الانسحاب إلى شفافيةِ عريكِ؟

يبقى جوهركِ يا صديقتي متلاصق الإشعاع،
هائمًا في دوائر اللهفة،
ضارعًا في مراعي أنوثتكِ،
ساجدًا عند غفوة خديكِ في حلم الغَزلِ والتَوْقِِ إلى الحنانِ.

كلّما سبحتُ في أمواجِ عبيركِ،
كلّما انتعشتُ في استرجاع صورتكِ في أعماقِ تخيّلي،
يصيرُ الزمنُ وحدةً في ذاتها في حضورك الذهني.

أنتِ يا صديقتي،
تحوّلين رتابة الأيام والسنين،
إلى طرفة عينٍ مليئة بالأصداف المرجانية،
تفرشين دروب الوقت ببياض العرائس ووشاحات الربيع،
ترشّين ماءكِ على جفاف العواطف فتتبرعم مسامُ الاشتياق.

كلّما قفز شبحُ الغربةِ إلى تنّين الوجع،
تصيرُ كرومكِ واحةَ الراحلين إلى نبيذ عشقكِ.

الزمن يا صديقتي، يغتال عرى الحبِّ.
يحوّله رتيبًا قابعًا في مخابئ البوح.
لكنّه يُحيي العشق الصادق،
يحوّله ينبوع فيضٍ لامتلاء مساكب المشاعر بجنّيات الحب المستديم.
يخلع رداء الرتابة.
يلبس أثواب القلق الحائر الذي لا يرتوي.
فوجودك دفقُ الرغبة،
وعتبة العبور إلى فردوسِ ثماركِ،
ونسرٌ يحنو على فراشِ لذائذكِ.

كلّما عبرتْ ثانيةٌ من الزمن،
تكونين أنتِ محراب العشق الروحي،
في كهف الجسد الهائم إلى مسرّاتكِ.


ميشال مرقص

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق