السبت، 17 مارس 2012

لا تيْأسي ...أنتِ الحياة


لا تيْأسي ...أنتِ الحياة


لا أدري يا سيّدتي،
كيف يصيرُ الحزنُ عاشقًا لكِ؟
كيفَ يصيرُ اللونُ في عينيكِ بحيرةً لليأس والقنوط؟
وكيفَ يُبحرُ الفرحُ من موانئ عطشكِ إلى الحياة؟
وتسقطُ الرغبةُ تحتَ سياطِ القرفِ الممزوجِ بالمرارة؟

لم أكُ أعلمُ، يا سيّدتي،
أنَّ واحةَ الحياةِ التي سكبتْ دموعَ لهفتها لتروي مساكبَ البهجة،
هجرتْ نوافذَ الأنس،
ونأتْ عن بوابّاتِ النَبْض الراقص في أعماقها؟
كنتُ أشعرُ أنَّ خلفَ زجاجِ العمرِ، خشيةً للتناثرِ،
وأنَّ ذلكَ الوجه الجاذبِ للعشقِ،
يحملُ سماتِ قلقٍ يَرتحلُ إلى قلبٍ يبحثُ عن مرفأٍ يقيه عواصفَ خوفٍ من أمواجِ الفراق.


الحياةُ، يا سيّدتي،
لا تعرفُ ان تبتسمَ لمن يعشقُ فصولَ ألوانها،
الحياةُ تنتظرُ منّا أن نلوّن ورقَ خريفها بربيع ابتسامتنا،
وندفْءُ صقيعَ شتائها بصيف عيوننا.

تُحبُّ الحياةُ،
أن نُحبّها،
لا أن نلعنها،
فهي لا تستحقُّ أن نلعنها،
 لأنها ليستْ هي، بل نحنُ، بل منْ نُحبُّ، يجعلها غير ما نستحق.
وكلّما تخاذلنا، انتصرَ من كنّا نُحبّ.

ليستْ الحياةُ،
بل من نعشقُ،
يُسدِلُ الستارَ على فصولِ تاريخنا معه،
يعتقد أنّه هو تاريخُ عمرنا في حضرته،
ونحنُ الرعية،
ولا يحقُّ للرعية أن تعيش بما يليقُ بالسلطان.
الرعيةُ تبقى خادمةً لذاك الذي صارَ سلطانًا،
ولا يعرفُ أن يُحبَّ رعيته.

الحزنُ، حتى اليأسِ، يا سيّدتي،
هو فعلُ ارتحالٍ من ذاتنا،
فعلُ خوفٍ يعرفُ كيفَ ينهش كبرياءنا،
ويُفتّت إباءنا،
ويُتلف شرايين عطائنا لمن نحبُّ ونعشق.

السلطانُ، يضعُ الخوف عند عتبةِ مصيرنا،
يريدنا، أن نرحل.
إذا غلبنا الخوفُ،
نتنازلُ عن مكاننا لآخر،
الاخر المتربّص ليحلَّ بديلاً عنّا فوق موائد السلطان،
هو المتربّعُ على عرش تجاهله، كمْ نحبّه ونعشقه،
إلى ان نتنازل عن الآخر له.

مثلكِ يا سيّدتي،
لا يليقُ به الاستسلامُ،
فإذا صارتِ الحياةُ لا قيمةَ لها، لكِ،
فلمن أيتها الجميلةُ، العذبةُ تكونُ هذه الحياةُ الرعناء؟


الصعوبات يا سيّدتي، ترصفُ طرقنا،
الآلام تُزهرُ في حدائق عيوننا،
اضطرابُ العلاقات، أمواجٌ تتلاطمُ في بحور ذاتنا،
ومهما عصفتْ في كياننا،
وحوّلتنا إلى قلقٍ دائم،
وإلى تنهداتٍ تعصرُ أفئدتنا،
ولأنكِ أنتِ،
لا تستسلمي.....

بل إعشقي ذاتكِ لتكوني...
الحياة.....


ميشال مرقص


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق