الخميس، 8 مارس 2012

ذاكرة الذات


ذاكرةِ الذات

  ""زوجان - زيتية 1905" - جيوفاني بولديني =1842 - 1931

يثيرني، يا سيّدتي، أنْ تغضبي.
تؤكدينَ كم تحبّينني،
وتريدينني،
وتريدينَ أن تكوني معي،
رغمَ غيابكِ الطويل أحيانًا،
وكسوف شمسكِ عنِّي.

فعندما نلعنُ الظلامَ،
نكونُ نحبُّ الصباحَ،
وعندما يؤذينا البعدُ،
يداوينا القربُ،
وعندما يقتلُنا الوجدُ،
يُحيينا العناقُ،
وعندما نضيعُ عن ذاتنا،
نرقصُ ونحنُ في لقاء،
وعندما نُنكرُ حبّنا،
نحتفلُ بالمهرجانِ إذْ تَفْضَحُ وجودَه نظراتُنا.

أحبُّ يا سيّدتي، لا مبالاتك.
فكلّما توغّلتِ،
في الغربةِ عن مشاعركِ،
أكتشفتُ فيكِ امرأةً تتكبّشُ بي،
مثلَ لبؤةِ تنشبُ أظافرَها في وجودي،
أن أبقى لكِ!

تنكرينَ حبّكِ لي،
وتتركينني أعاني لذّةَ الشوق،
وشهوةَ الانعتاق من ذاتي لألتصق بكِ.
تُنكرينَ أي شهوةٍ أو رغبةٍ أو شوقٍ لجنسٍ أو ...
وتتحدينني، يا لبؤتي،
بأظافرِ الشهوة.
تبرزينَ عريكِ،
تطعنيني في جوعي لكِ،
وظمأي إلى لبَنكِ.

أيتها العاصيةُ،
متى تقفزين إليّ مثلَ لبؤة،
وتتمسكين بي مثل نسر،
-     طعامًا لصغاره –
تنشبين أظافركِ بي لألتهمَ جسدكِ،
وأستثيرَ فيكِ ألغازَ النساء،
وألهبَ فيكِ مشاعرَ الرغبة،
وانتشي فيك، بعرق إبطيكِ،
وماء الفخذينِ،
وانتشلَكِ من ذاتي مغشيّةً على بساط اللذّة،
منتشيةً،
بالأنوثةِ وبانطفاء الجسدِ في تلاشي ذروة الانعتاق من الذات.

ترفضينَ، يا سيّدتي،
أن تعترفي بأنكِ تحبينني، وتشتهين رجولتي،
لكنّكِ،
عندما يشهقُ بوحُ عريكِ،
أشعركِ في حضني،
تقولين" لا" وترغبين فيَّ.
أشعركِ بين زنديَّ ترفضين الانتشاء وتتمسكين بي.
أشعركِ في ذاتي،
تُبدين التفلّت،
وتشدّين بصدركِ إليّ،
وبأظافركِ،
تخربشين على جسدي،
أنّك لا تريدين الاغتراب عنه.

لا أعرفُ، يا سيّدتي،
كيف أن الحوارَ الجسديَّ،
لا يكسرُ جسور الغربة،
ويهدمُ مسافةَ الاختباء.
أحبّكِ تلتصقين بي،
تنهبين مسافات جلدي أبجديّةً حريرية النهدات،
أحبّكِ،
شوقًا يخترقُ كياني مثل جرحِ السيف،
وتقفينَ في داخلي وردةً،
أختبئ في ألوانها،
وأفتحُ خزائنَ عبيرها.

يا سيّدتي،
أخشى دائمًا أن تهرب اللحظاتُ الجميلةُ معكِ،
أن تصيرَ زئبقية الملمس،
أن تصيري أنتِ بركانًا خامدًا،
بعيدًا عن صفائح ارتداداتِ جنسي.

أحبُّ أن تكوني مداري،
أدورُ في فلككِ،
أن تكوني حقلَ جاذبيتي،
يمحو المسافة،
وتلتصقينَ بي،
فالغدُ،
لصٌّ
يقنصُ جمالات الحياةُ ،
ويتركنا،
نرتعشُ في ذاكرةِ ذاتنا.


ميشال مرقص

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق