الاثنين، 22 أغسطس 2011

قناطر الليل


قناطر الليل

 

                    



عندما تعبرين الليل، يا سيّدتي،

تخترقني رفوفُ فراشاتِ النور،

تتغلغلُ في جلدي،

مسافرةً،

تحملُ في أجنحتها،

ارتعاشَ النشوةِ،

من حضوركِ فيَّ،

وسكْنكِ في قصورِ اشتعالي،

وارتمائك فوق شواطئ حضوري،

نحو سماءِ شروقكِ،

في ذاكرةِ

حياتي.



الفضاءُ، يا جميلتي،

يلتقطُ النجومَ

من بريقِ عينيكِ،

ويمطرُ،

دفئًا

ورقّةً،

وشفافيةً،

من عري نهديكِ،

وجاذبيّةِ البوحِ.



وكم

يحترقُ

القلبُ،

في عميق الشغفِ، مشتهيًا الانعتاقِ من الذاتِ،

والتحرّرِ من قفصِ الالتزام،

ليصيرَ رمادًا،

فينيقًًا جديدًا،

تنقله جناحاه مسافاتِ الارتحالِ في غلائلِ الرغبةِ المقدّسة.



لا يعترفُ القلبُ، يا سيّدتي،

بعشقه،

يهربُ من ذاته،

يغمضُ مسام الإحساسِ،

يشيحُ وجهُهُ عن ارتعاش الولعِ المجنون في لهيب الصراعِ وحرقةِ البوح.

يتوقف عن الاعتراف.

يخالجه الخوفُ والرعبُ من أساور الفرح الآتية،

ومن تدفقِ أنهار العاطفة المشبوبة.



يصيرُ القلبُ، يا سيّدتي،

روزنامةً

للأحاديثِ الجارفة إلى أحضانِ الشوقِ والرغبة،

إلى كروم المنفى عن وطنِ الفرحِ النازفِ من خلايا أعماقنا،

يصيرُ،-

كلّما تفتّح حرفٌ للبوحِ المخنوقِ، -

أبجديّةً خرساء،

واستشعارًا لا تلتقِطُه مجسّات التحسّسِ الخائفِ من الإشعاعات الدفينة.



يخشى القلبُ، يا سيّدتي،

أن يصيرَ كتابًا مفتوحًا،

كتابًا،

لا يخضعُ للتعديلِ،

ولا يُخفي

هديلَ صوتكِ

(وهو) يرخمُ تنهداتِ العشقِ الخائرِ من عبء القيود.



يصيرُ القلبُ، يا سيّدتي،

يوميّاتٍ،

تحترقُ تفاصيلُها كلّما انتقلت فراشاتُ النورِ إلى وسادات الإغراء المفقود،

إلى تكايا العناق،

حيثُ تتلاشى صورُ الاندفاعِ

في ماء السرابِ

يسيّجُ

نهرِ العواطف التائهةِ وراء ظِلِّنا المختبئ خلف وهمِ الحكاية التي هي نحنُ.



في الحكاية، يا سيّدتي،

نرحلُ من شواطئ بعضنا،

إلى مسافاتِ الرمالِ،

البعيدة

عن أمواج إحساسنا العميق.

نرفعُ أشرعةَ زوارقنا،

ونوجّهها إلى حيثُ لا تُريدُ رياح العشقِ أن تُلقي بنا.

تصيرُ الأشرعةُ، يا سيّدتي،

طيورَ نورسٍ جديدة،

تخترقُ الأمواج،

وتقتاتُ من قلوبنا المختبئة،

تحتَ قناطر لهيبها الذهبي.



القلبُ يا سيّدتي،

يعشقُ جلاّده،

يختارُ أن يكونَ كما رُسِمَ له،

أن يزيّنَ سجنهُ قصورًا يلجأُ إليها على أنها الجنّةَ الوحيدة.



وعندما نفقدُ الجنّةَ،

تصيرُ كتاباتُ القلبِ

نقرَ دفٍّ خفيفٍ،

لانتقال قدميك إلى مهرجانِ الرقص،

ترسمينَ حكاية الجسد الغاوي،

أن يتفجّرَ دلالاً،

غنجًا

أو أنوثةً مشتاقةً لأن تعبّرُ عن مزاميرِ جنسها.



في الرقصِ،

نصيرُ ذاتنا،

جسدنا الذي يترجمُ رغباتنا،

ونحنُ نهربُ أن نسكبها في الكلماتِ،

فنرسمُ كيفَ تتلوّى بنا،

كلما شهق الجسدُ،

من عبور الغناءِ واللحنِ،

إلى امتشاق نداوة العري المغلف بالآه،

والعاشقِ أن يفتّقَ ستائرَ البوحِ الشعري.



كلّما صارت الكلماتُ خائفةً،

نهربُ منها،

إلى حقولِ التفلُّت من جوهرها،

تصيرُ بركانًا فينا،

نصيرُ نحنُ،

محنطين برماد البركان.



العشيّةُ، يا سيّدتي،

صلاةُ العاشقين،

ومرارةُ القلبِ،

ومرآةُ الحبّ العميق.



العشيّةُ،

هي

أن نصيرَ عطرًا جاذبًا،

نعانقُ إحساس بعضنا،

نتلو أناشيدَ الحبّ،

نغرقُ في خيالِ الولعِ،

نسكرُ من كروم عواطفنا،

ومثل الخواء القاتل،

تجتاحنا صحراءُ الزمنِ،

وتقفلُ علينا،

حتى السراب،

الذي نحلمُ به.





                     ميشال  









ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق