للهدوءِ رحلةُ المساء...
لملمتْ الشمسُ آخرَ لونٍ
لها. كانتْ قد جدلَتْ حياكة فسطانها، بحبالٍ تُنذرُ بمطرٍ خفيف قريب. فالليلةُ هي
عشيّةُ بدايةِ أيلول، عيد القديس سمعان العمودي، وفيه تُمطرُ.
النسماتُ تمرُّ معتدلةً. في
المدى المشرفِ أمامي على البحرِ القريب. في المتناولِ زوارقُ صيدِ السمكِ تخرجُ
إلى البحثِ عن غلال. مئاتٌ منها ترصدُ السمكَ قبالة الشاطئ ما بين إنطلياس وضبية.
تتغانجُ في انوار مصابيحها. كأنما لآلئُ تتوهّجُ لأمسيةٍ على عنقِ حسناء...
المدارس الكبرى المنتشرةِ
على السفحِ أمامي، تتثاءبُ. هي تنتظرُ نهاياتِ أيلول. الشهر يُقبلُ بأمطارٍ خفيفة
يُقالُ إنّها مبكرة.
العالمون بأحوالِ المناخِ،
يرصدون هذه السنة، حلول المواسم قبل أوانها بقرابة ثلاثة أسابيع. هل تبدّل ميزانُ
دوران الأرض، وزاحَ المحورُ عن مكانه. كلّ أمرٍ ممكن. فالناسُ يجورون على الكرة،
يهدّمونها. يقتلعون غاباتها. يردمون بحارها. يزلزلون صخورها. يجرفونَ رمالها.
يستغلّون ثرواتها بشراهة. يُحدثونَ الخللَ في توازنها. فكيف لها أن تثبتَ على
ظواهرَ فلكية اعتدنا عليها؟
ورغمَ هذا الخلل، وجرف
الشاطئ أو ردمه أو تصويب النفايات والمياه الآسنة إليه. ورغم صرخة الصيادين من
بوارِ منابت مراعي السمكِ وطمرِ ملاجئ بيوضها... هم على هذا الشاطئ يُسامرونَ
البحرَ والليلَ... وتبقى السكينة في هذا المدى الهادئ، بلا أصوات. وحدها أعمدةُ
البلديّة تُنيرُ أطراف غاباتٍ للصنوبرِ، أرجو أن يقيها الله من جرفٍ أو حريق...
وفي البعيد تُبكّلُ الغتمةُ قميصَ نومها، بشريطٍ من الأزرار الضوئيّةِ
البيضاء...وتُبقي لصدرها بروشًا أكثر لمعانًا خماسيَّ الأضواء...
ميشال مرقص
31 آب 2016
belles comparaisons et metaphores!!!
ردحذف