الثلاثاء، 17 أبريل 2012

حنين الوداع

حنين الوداع


لا أعرفُ، يا سيّدتي،
 لماذا ينتابني حنينُ الوداع،
وأشعرُ أنني وحيدٌ في محطةِ الانتظار،
لأرحلَ إليكِ؟
أحيانًا يُشبهُ الوداعُ رغبةَ الحبِّ،
يأسرنا،
نصيرُ مسجونينَ في حقيبةِ سفرنا،
ونفتحُ شريطَ الذكرياتِ على من نحب،
ومنْ نعشق،
ومنْ كانَ محورَ نبْضِ الحياةِ.

يعتريني، يا سيّدتي،
شعورٌ،
أنني كلّما تماديتُ في حبّي لكِ،
بقيتْ مسافةُ العشقِ بيننا مثلَ السراب،
هذا الوهمُ الزئبقيُّ،
يُشعرنا كم تكونُ المسافاتُ قصيرة،
وكم هي بعيدة.

تدورُ الأرضُ، يا سيّدتي،
ويتناوبُ الليلُ النهار،
وتأكلُ الأعمارُ من حياتنا،
ونبقى،
غريبينِ،
في قاعةِ الانتظارِ،
ننتظرُ القطار،
يمرُّ القطار،
ولا نحملُ منه غير زائرٍ،
اسمهُ "الوهم".

أشعركِ، يا سيّدتي،
كلّما شارَفَتْ ساعاتُ الغروب إلى نهاية،
أنّكِ،
شمس يومي الآتي،
أشعركِ يا سيّدتي،
بكلِّ حنينيكِ،
بكلِّ غضبكِ،
بكلِّ عريكِ،
بكلّ شفافيتكِ،
تعيشين في أوردتي، وشراييني،
وتكتسبين لونَ بشرتي،
وصفاء عينيّ،
وحنين جسدي،
ولوحةَ خيالي،
ونبضَ قلبي،
وهواء رئتيَّ.

وأشعركِ،
شمسي وفيئي،
ويأسي وأملي،
تتنازعينني بكلِّ الاتجاهات،
وترمين شالَ أنوثتكِ على أحلامي،
فأغفى مثلَ الأطفال.

أحيانًا، يا سيّدتي،
أعشقُ صفاءَك،
أنسابُ في ضحكتكِ مثلَ شعاعِ الدغدغة،
أحلمكِ طيفًا،
لا أريدُ سوى أن أنسى ثقلَ وجودي بين ذراعيكِ،
وأجعلكِ تنامينَ مثلَ الطفلاتِ الجميلات فوق صدري،
وأصيرَ سريرَكِ،
وأرجوحةَ أحلامك...
وتُثيرنني،
في كلِّ وقتٍ،
أن أنطفيء في أنوثتكِ،
أشتعلَ بين نهديكِ،
وألتهبَ في صفحة خديكِ،
وأغمضَ عينيك،
أقبلهما بحنان مستفيض،
لأقولَ لك: كم أحبّكِ...
وأشتهي،
أن أستسلمَ لرغباتي فيكِ،
فلا أعرفُ كيف أجتاحُ أعاصير خصرك،
وسهولَ الحبِّ،
وروابيه،
هنا عند تعاريج البطن،
وانسياب جوانبِ اللذة،
انحدارًا إلى باطنِ الفخذين....
و"بطّةِ" (رِبْلةِ) الرجلين.

أحيانًا، يا سيّدتي،
أضيعُ كيف أبدأ،
كيف أدخلُ إلى هيكلِ عريكِ،
إلى مساكبِ جاذبيتك،
أبدأُ من كتفيكِ،
أقبلُ عنقكِ،
وأهمسُ خلف الأذنِ عشقي،
وألهثُ دفئًا وحبًّا وحنينًا،
وأدور مثلَ عقارب الساعة فوق مساحة الظهر،
أزرعُ شفاهي شلالَ شهوةٍ ورفقٍ..
وأنتقلُ فوق فقرات الظهر قبلةً قبلةً،
وبهدوءٍ كليٍّ،
إلى أسفلِ،
إلى أسفل،
فلا أجدُ غيرَ قبابِ الشهوة،
ودعوةِ الرغبات،
انحدارًا،
حتى مكامن ثني الركبتين.

ويا، سيّدتي،
كيف يمكن أن أقضم أصابعَ رجليكِ،
وتنتهي أحلامي،
أعودُ إلى جمودي،
فأنا في قاعةِ الانتظار،
عند محطة الرغبات،
كلُّ شيءٍ قفرٌ،
كلُّ شيءٍ حزينٌ،
كلُّ شيءً يدعو أن أُلقى تحيّة الوداع،
وأسجنَ ذاتي في حقيبة السفرِ،
وأفتحَ دفترَ عشقي عليك،
لأتذكّرَ
كمْ تُلهمين أعماقي،
وتُثيرين رغبتي،
أنْ تكوني لي،
بجسدك،
وروحكِ،
وكيانكِ....

لقد صفرَ القطارُ،
يا سيّدتي......




ميشال مرقص

                                  الجمال النائم  – زيتية للرسّام ماكس لِويس - 1898


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق