السبت، 21 أبريل 2012

لتبقي حبيبتي

لتبقي حبيبتي

                                 الصيف – زيتية للفنان الفرنسي إميل فرنون (1872 – 1919)

يأسرنا الحبُّ،
يخبئنا تحتَ جناحيه،
نصيرُ عصفورينِ،
تُنعشهما تنهداتُ الارتعاش،
ونعمةُ الاحتضانِ المتبادل.

يمنحنا الحبُّ،
أجنحةً شفّافة،
ينقلنا في مزاميرِ العشقِ،
يخنقنا بغصّةِ القلقِ،
ينفخُ فينا روحَ النبوءةِ،
ووحيَ الشعرِ،
ورحلةَ الخيالِ إلى أعماقِ القلبِ وأبعادِ الإدراكِ وأغوارِ الألمِ والسعادة معًا.

ومن نافذةِ أنوثتكِ، يا سيّدتي،
يتوّلدُ الحبُّ غريبًا عن معاني الحبِّ وآهاتِ اللهفةِ وجوعِ الشهوةِ وشبقِ اللذة.

حُبُّكِ، له قوسُ قزحٍ بألوانٍ جديدة،
بأضواء جديدة،
بعطرٍ لم يُشَمَّ من قبل،
بنُكهةِ النبيذ المعَتَّقِ،
وبأشواقٍ فتّقتْ أكمامَ ورودها الذهبية على إيقاعِ أنوثتكِ.

تعرفينَ، يا سيّدتي،
كمْ ساحرٌ هذا الحبُّ؟
يدخلُ صحرائي فيُنبتها قمحًا من أهراءاتِ وجهك،
يدخلُ جفافي فيحوّلهُ ينابيع من دفقِ شفاهكِ،
يدخلُ أوديةَ رجولتي وقد نضبت،
فتتدفقين فيها أنهارًا تجتاحُ رغباتي إليكِ.

تعرفينَ، يا سيّدتي،
كمْ ه ساحرٌ هذا الحبُّ؟
ففي تلقائيةٍ مريحة جعلني أحبّكِ،
وصُرتُ أهتمُّ بكِ،
وأقلقُ لكِ،
وأعيشُ وأنتِ منارةَ يومي أتوجّه نحوَ ضوئها،
وأبحثُ لكِ عن أجملِ كلامٍ في الحبّ،
وأقطفُ لكِ أجمل باقات العواطفِ،
وأتلمّسُ ذاتي،
فأرتحلُ معها إليكِ،
أرتحلُ إلى مواسمِ حدائقِ أنوثتكِ،
أطيرُ إلى لهاثِ أنفاسكِ،
أرفرفُ جناحيَّ أفتِّشُ مفارق الطرقِ عنكِ،
وأتوقفُ عندَ تقاطعاتِ عواطفي لأنقلكِ في طيراني من عينٍ إلى عينٍ ثانية،
فلا تختلفان،
من منهما تحملكِ أكثر،
ومن منهما تنامينَ فيها مدّةً أطول،
فأجعلهما أرجوحتينِ لشفافيةِ إطلالتكِ العذبة.

يُصيِّرُني هذا الساحرُ المجنونُ عابدًا في هيكلِ جسدكِ،
أمطِرُه لهفة الشغفِ،
أحرقُ له بخور آهاتي،
وأقدّمُ له طقوسَ الانغماسِ الدائمِ في نِعمه.

لقد رمى هذا الساحرُ الملعونُ سحرهُ عليَّ،
وتركَ لكِ حرّية الهروبِ من تأثيره،
طلبتُ له أن يرحمَ عواطفي،
أن يُشفقَ على انجذابي لكِ،
فيحوّلكِ حبيبتي.
سألتهُ أن تصيري حبيبتي،
أن تتحوّلي إلى امرأةٍ مسحورةٍ بحبي،
أن تتلونّي بألوان عيني،
وتتزيني بسمرةِ جبهتي،
وترسمي حبّي على جبينكِ،
فتُضيُْ عيناكِ بالفرحِ الآتي،
ويعرفُ الناسُ أنّكِ حبيبتي،
وأنني، أنا حبيبُكِ.

يهزّني هذا الحبُّ الساحرُ،
كلّما شعرتُ أن مفاعيلَ سحره قد تنقلب عليَّ،
أنّ حبيبتي،
ليست حبيبتي،
أنَّ حبيبتي،
يعشقها كثيرٌ من الرجال،
ويُحبُّها كثيرٌ من الرجال،
ويشتهيها كثيرٌ من الرجال،
ويقتتلُ على إغوائها الكثيرُ من الرجال..

لكنَّ حبيبتي،
تعترفُ،
أنها تنجذبُ بفعلِ هذا الساحرِ اللذيذ،
تعشق ارتحاله في ذاتها،
تنتظرُ بوحه،
تفتحُ صفحاتِ قلبه وتغرقُ في دفئها،
تكتبُ ألغازَ انوجادها فيها،
وتتركُ علامةٍ بين الصفحاتِ،
لتتابعَ من محطةِ الوصول،
مشوارَ الحبَّ الذي يستغرقُ حلمًا بين سطور الحياة.

يا حبيبتي،
كم أقولُ لكِ تلك الكلمة السحرية،
أحبّكِ،
وأنتظرُ أن تقعي تحتَ تأثير سحرها،
لأعشقَ عشقي لكِ،
وتبقينَ حبيبتي.

ميشال مرقص

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق