الخميس، 12 أبريل 2012

الفرحُ الضائع

الفرحُ الضائع





يختنقُ الفرحُ،
يكتبُ نهايات الإبحارِ في شرايينِ النشوة.
لقد ناصَ قنديلُ السفرِ،
ونثرَ ضوءه فوق سرير الألمِ.
 فتغيّر لونُ البهجةِ،
وغصّ بدمعةٍ كانت مكرّسةً للعشق، ولآه العناق،
فبقيت الغصّةُ،
لتعبر جسور الفراقِ مختفيةً في أثواب الحنين.

كلّما تفتّقت براعمُ الاشتياق،
أيبستها ريحٌ حارقة،
ونثرتها رمادًا تحت أجنحة الفراشات.

الحبُّ يضيعُ،
بين إبحارٍ،
وبين رغبةٍ،
وبين انطفاءٍ في هبوبِ نسمةٍ تكادُ أن تكونَ رمقًا أخيرًا.

عندما تتوقفُ عقاربُ الزمن،
تكون الأرضُ رَغبت في عدمِ الدورانِ على ذاتها،
تلتحفُ بذكرياتِ الأمس الجميلة،
تتجمّدُ من بردِ الرسائلِ المقلقة،
وتنسلُّ إلى الاعتزال في غربة الشوقِ وخريف الانتظار.

لم يكن للوعدِ أن يذبلَ في حدائق العينين،
لم يكن للعشقِ،
أن يحتفلَ بالورودِ وقد شلحت ألوانها،
لم يكن لمواعيدِ العشيات أن تتمَّ وقد بردَ التوقُ إلى الاحتضان،
وصارَ،
مثل مواعيد الحائرين، تنتهي قبل أن تبدأ.

أحيانًا يعلّمنا القدرُ كيفَ ننسى ذاتنا في أعماقِ من نحبُّ،
يفتحُ لنا ذراعيه،
يضمُّنا بجوانحه،
يحملُ حقائبَ الآمالِ،
يزهو بعبارات التقارب،
يرتدي مساء العيون في خيمة الدفء ونمنمات الحنين.
لكنَّ هذا القدر،
يكشفُ لنا عن عجزه،
يجرّدنا من أحلامنا،
نصيرُ لعبةً،
نصيرُ ريشةً في مهبّه،
ونقبضُ على الريحِ،
ونقبضُ على الماء،
ونقبضُ على الزئبق،
لكنّنا نكمشُ النار،
وننطفئ في الرماد.

كلّما صرعني خوفي، ألا أراكِ،
أبتعدُ من ذاتي،
أصيرُ إنسانًا آخر،
أصيرُ ملاكًا، شيطانًا،
أصيرُ شاطئًا بلا أمواج أنوثتكِ،
أصيرُ لونًا بلا ريشةِ ابتسامتكِ،
أصيرُ شراعًا بشريًا بعيدًا عن ذراعيكِ،
وغائبًا عن نبْضِ قلبكِ.

تعتريني فصولُ الجفافِ كلّما تَراجعَ منسوبُ مائكِ،
كلّما تعرّتْ تُربتي من رطوبةِ ملامسكِ،
كلّما يبسَِ لساني،
وجفَّ حلقي،
لأن ماء ينابيعكِ تحجبها السدودُ،
وتمنعُ وصولها أقنيةُ التحويل المتشعبة.

في الزمنِ الحائرِ بين الاختناقِ والرغبة،
لا أعرفُ لماذاَ يزحفُ الاختناق،
لماذا يضغطُ على هيكلِ صدري،
لماذا يتوغّلُ،
يبحثُ عنكِ،
يفتشُ عن عينيكِ،
عن صلواتي لكِ،
يلملكِ من ذاتي،
يجمعكِ من كياني،
ويقسو عليَّ أن أنتشلكِ منّي،
ويقضي على مهرجانِ عشقي؟

الأحلام تحاولُ أن تقاوم زحفَ المجهولِ،
تقاومَ،
 تحتضنَكِ،
تزرعَكِ في مسامي وفي عروقي وترويكِ من مائي، وترويني من عَرَقِ جسدكِ.

لا أعرفُ كيفَ أتنفّسُكِ وأنتِ في رئتي،
لا أعرفُ كيف أتذوّق عطركِ وأنتِ عطري،
لا أعرفُ كيف أشمُ أريجَ جسمكِ،
وبأيّ أنفٍ أدخلُ بهجة مسامكِ،
إلى أحاسيس رأسي،
فأنتشي بكِ كالسكران من كرومِ شهوتكِ؟

كلّما أدخلتكِ أضلعي،
وتركتكِ تسبحينَ في أمواجي،
وتبحرينَ في محيطاتِ أشواقي،
وتلعبين في مرافئ عيني،
وتتسللين إلى تيّارات انجذابي إليكِ،

خفتُ أن تتوقفي،
وتقولي لي:
 خشيتُ من الغرقِ!

ميشال مرقص

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق