الثلاثاء، 10 أبريل 2012

شمسُ وجهُكِ

شمسُ وجهكِ

                          
                             زيتية إميل فيرنون 1873 - 1948


أمطريني بهاء وجهكِ،
فصحرائي عطشى إلى ينابيع شمسكِ.
أمطريني نقاء سحركِ،
فأطهّرَ إثمي بذنوبِ عواطفي...
لا أعرفُ يا سيّدتي كيف تتراءى جمالاتُكِ!
فالشعرُ يعجزُ أمامَ تجدُّدٍ خاطف،
وأمام إشراقٍ يتغلغلُ في أوردةِ اللونِ وشرايين الجوهر..

أظلُّ، يا سيّدتي، مأخوذاً في حضوركِ،
أظلُّ أبحثُ عن هدوء تجلّيكِ،
وتقتحمُني لوحاتُ الأنوثة المطمئنّةِ في أرجوحة اللونِ ومروحةِ الصفاء..


أميرةٌ أنتِ يا سيّدتي؟ لا !
فالأميراتُ لا يعرفنَ كيف يلبسنَ شفافيةَ بوحكِ،
ولا كيف يقودُ الهدوءُ سفنَه إلى مرافئ وجهكِ،
ولا يعرفنَ كيفَ هذا الجبينُ، جبينُكِ يا سيّدتي،
 أسمى من تيجان الملوك والأمراء.

الأميراتُ، يا سيّدتي، يرصدنَ أثير السحرِ المتموّجِ من تلألؤ وجهكِ،
ويسألنَ المرايا عن أميرةٍ مختلفةِ، تركتْ نسيمها فوق عطرِ الدهشة.

أنتِ، تختلفين عن الأميراتِ،
فأنتِ أميرتي،
وأنتِ بساطيَ السحري،
كلما كنتُ في حضوركِ أصيرُ أمام باب الجنّة،
وأختارُ أن أهوى إلى جحيمِ ذاتي لأعبرَ إليكِ بجوارحي وعواطفي،
وأقدّمَ إلى "سموِّ أميرتي"،
مهرجان اشتعالي بصمتها المتعالي.

العبورُ إلى وجهكِ، يا سيّدتي، متعةُ الخفقان،
العبورُ إلى زمنٍ فيهِ أنتِ، اكتمالٌ ذاتي، وشهوةٌ صقلتها رهافة الحسّ.
زمنٌ فيه أنتِ، يا جميلتي، زمنٌ لا يعرفُ الزمن،
يتبخّرُ فيه ظمأُ الوقتِ إلى الدوران،
وينكسرُ ثقبُ الساعة،
ولا تعرفُ الدقائقُ كيف تتهاوى..

أمامَ وجهكِ يا جميلتي، يتساوى الوجودُ والعدم،
أمامَ وجهكِ أشكرُ نعمةَ الحياة.

تعالي  إلى عرشِ أحلامي،
أوسدّكِ حنايا شفافيتي،
وأغمركِ بدفْء اشتياقي إليكِ،
تعالي إلى كرومِ الشعرِ، فمثلكِ لا يليقُ بها سوى البوحُ،
ولا يغسلُ رجليها سوى شفافيةُ الكلام..
إمشي يا أميرتي فوق دروب جسدي،
فأفرشُ كياني معبراً إلى شمسكِ،
تمايلي فوق أراجيح ظنوني،
فأمدّ زندي لاستقبال طيفكِ...

أخشى يا سيّدتي، على الحلمِ أمام وجهكِ أن يوقظهُ الزمن،
وأعودُ إلى الدقائق،
وأعودُ إلى الساعات،
وأحتضنُ إشراقكِ،
إلى مسافاتٍ تفتقدُ مهرجان قدميك،
إلى شرفاتٍ زيّنت تعرجاتها بزهر الياسمين واللوز،
لتمرّ أميرتي،
لتمريّ أنتِ
في ساحاتِ عطشي إلى ينابيعك،
وأغمرُ حضوركِ في عيني،
وأخشى أن تلوّثي رجليكِ فأغمرهما بأهدابي،
وأضمّكِ أضمّكِ أضمكِ،
وأخافُ ألا تتنفسي، فأصيرُ هواءكِ،
وتصيرينَ مائي،
وأتفيّأُ شعركِ،
وأغرقُ في عينيكِ فلا تنتشيلينني من ذاتي.



ميشال مرقص




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق