السبت، 26 نوفمبر 2011

لأنّكِ الحبُّ


لأنّكِ الحبّ
           
                             


أحيانًا، يا سيّدتي، يخذلنا الحبُّ،
يفتحُ لنا دروبًا، لا نستطيعُ أن نسلكها، رغمَ إغرائها وسحرها.
يُفردُ لنا منعطفاتٍ متوازية في الزمن،
فلا تلتقي ولا تتقاطع ولا تصلُ إلى محطاتِ التلاقي والعناق.

لكنَّ الحبَّ، يا سيّدتي،
يبقى حبًّا،
يتغلغلُ في قلوبنا،
يُقلقُ أعصابنا،
يُشرّعُ أمامنا مسافات الانتظار،
يفرّخُ في انتظارنا كمدٌ خانق،
يُصيبنا حزنُ البُعدِ،
وشكٌّ في أن الحبيبَ قد يبعدُ منا،
مثلَ عصفورٍ تفلّتَ من قفصه.

هكذا، يَعصِرُني حبّي لكِ، يا سيّدتي،
يُشبكُ الثواني والدقائق والساعات،
وكيفما أهربُ منكِ أصلُ إليكِ.

فأنتِ منذُ الصباحِ معي تشربينَ القهوة،
وأنتِ منذُ الصباحِ الباكرِ معي في شؤوني الخاصّة،
وأنتِ،
منذُ أختمُ لكِ قصيدتيِ،
أفتحُ في دفاترِ عشقي عنوانًا جديدًا،
أفتشُ عن عمقِ أشواقي،
عن هُتافِ  كياني لكِ،
أسألُ، ماذا لم أقله لكِ بعد؟
وتتدفّقُ مشاعري من جديد،
يأتي طَلْقُ الولادة سهلاً،
والاندفاعُ إلى جنّاتكِ سلسًا،
فتتفتحُ أجنّةُ الكلماتِ ياسمينًا،
كلّما حاولتُ أن أنسجُ من أوردتي،
قصرًا لكِ،
قصرًا لأميرتي الجميلة.

تعالي إليَّ، يا سيّدتي، فالحبُّ لا يُتيحُ لنا أن نلتقي دائمًا،
تعالي إليَّ،
فقطافُ مواسمِ العشقِ لا يدومُ طويلاً متى رويناها بالتنهداتِ، وختمنا عليها بالمستحيل.

لم يُخلقِ الحبُّ، يا سيّدتي،
ليوضعَ في قمقمٍ،
ونرصدهُ على اسمنا،
لألف عام،
لألفي عامِ،
لأنّه ينتقمُ منا إذا لم يتحرّر بنسائم أنفاسنا،
ويختمرُ بألوانِ أعيننا،
ويصيرُ ماردًا في نفوسنا،
يُحرّرُنا من خوفنا،
يَفكُّ لنا قيودنا،
ويمسحُ جبهتنا بندى الارتعاش والأمان.

معكِ، يا سيّدتي،
يصيرُ العبورُ إلى الحبّ مهرجانًا،
يتلوّنُ بنسائمِ وجهكِ،
يلبسُ بريقَ عينيك،
ويتحوّلُ مدهشًا مثل شفتيكِ.

غنيّةٌ أنتِ، يا سيّدتي،
ومثيرةٌ في افتتانِ تواصلكِ.

جميلةٌ أنتِ يا سيّدتي،
ومحيِّرةٌ بصدودكِ،
وقبولكِ.

فاتنةٌ أنتِ، يا سيّدتي،
ومُقلِقةٌ في الإثارةِ،
تختبئين في كنوزِ الأنوثة،
وتُقفلينَ عليها وراء واجهاتِ العيون والرغبات.

حُلوُكِ، يا سيّدتي،
أنّكِ زئبقيةُ العواطف،
تنتقينَ مواقع الضعفِ وتهربينَ منها،
تتفلتين من شباكِ الأشواقِ والإثارة،
ومن حصونِ الشهواتِ،
مثلَ الضوء الهاربِ  من أصابعِ النسيان.

أحيانًا، تُعجبني ازدواجيةُ عواطفكِ،
وأحيانًا تغتالني.
فأنا معجبٌ بكِ،
وأنا مغرمٌ بكِ،
وأنا متعلّقٌ بكِ،
وأنا أتنفسّكِ على مدارِ دورانِ الأرض لتخلقَ الزمن.

وكلّما قلبتُ وجهًا من وجوهكِ،
طالعني وجهٌ جديد،
وأدهشتني زئبقيتُكِ في الانسياب من بين الأصابع.

عصيّةٌ أنتِ على اللمس،
عصيّةٌ، أنتِ على النظر،
عصيّةٌ على العناق والضمِّ والشمِّ والقبلِ،
عصيّةٌ على شبقِ الجنس،
عصيّةٌ على السباحةِ في بحرِ حبّي ومحيطاتِ أشواقي.

الجوهرُ، يا سيّدتي،
هو العَصِيُّ،
وأنتِ الجوهر.

يُحزنني،
أنّ هذا الزمن فتحَ لنا مجالا مسدودَ النوافذ.

               

                                     ميشال




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق