الخميس، 25 فبراير 2016

كلّما صارت الكلماتُ خائفةً...نهربُ منها!

                            
كلّما صارت الكلماتُ خائفةً...نهربُ منها!
 
             بيار ريفوال (ليون – فرنسا 1776 – 1842)

لا يعترفُ القلبُ،
بعشقه.
يهربُ من ذاتِه.
يُغمضُ مسامَ الإحساسِ.
يُشيحُ بوجهه عن ارتعاش الولعِ المجنون في لهيب الصراعِ وحُرقةِ البوح.
يتوقف عن الاعتراف.
يُخالجه خوفٌ ورُعبٌ من أساور الفرح،
ومن تدفقِ أنهار العاطفة المشبوبة.

يصيرُ القلبُ،
روزنامةً
للأحاديثِ الجارفة إلى أحضانِ الشوقِ والرغبة،
إلى كروم المنفى،
 عن وطنٍ الفرحِ النازفِ من خلايا أعماقنا،
يصيرُ،-
كلّما تفتّح حرفٌ للبوحِ المخنوقِ، -
أبجديّةً خرساء،
واستشعارًا لا تلتقطه مجسّات التحسّسِ الخائفِ من الإشعاعات الدفينة.

يخشى القلبُ،
أن يصيرَ كتابًا مفتوحًا،
كتابًا،
لا يخضعُ للتعديلِ،
ولا يُخفي
هديلَ صوتكِ
يرخمُ تنهدات العشقِ الخائرِ من عبء القيود.

يصيرُ القلبُ،
يوميّاتٍ،
تحترقُ تفاصيلها كلّما انتقلت فراشاتُ النورِ إلى وسادات الإغراء المفقود،
إلى تكايا العناق،
حيثُ تتلاشى صورُ الاندفاعِ
في ماء السرابِ
يسيّجُ
نهرَ العواطف التائهةِ وراء ظلّنا المختبئ خلف وهمِ الحكاية التي هي نحنُ.

في الحكاية، يا سيّدتي،
نرحلُ من شواطئ بعضنا،
إلى مسافاتِ الرمالِ،
البعيدة
عن أمواج إحساسنا العميق.

نرفعُ أشرعةَ زوارقنا،
ونوجّهها إلى حيثُ لا تُريدُ رياحُ العشقِ أن تلقي بنا.

تصيرُ الأشرعةُ،
طيورَ نورسٍ جديدة،
تخترقُ الأمواج،
وتقتاتُ من قلوبنا المختبئة،
تحتَ قناطر لهيبها الذهبي.

عندما نفقدُ الجنّةَ، يا سيّدتي،
تصيرُ كتاباتُ القلبِ
نقرَ دفٍّ خفيفٍ،
لانتقال قدميك إلى مهرجانِ رقصٍ،
ترسمينَ حكاية جسد يتغاوى،
يتفجّرُ دلالاً،
غنجًا
أو أنوثةً تشتاقُ لتُعبّرُ عن مزاميرِ جنسها.

كلّما صارت الكلماتُ خائفةً،
نهربُ منها،
إلى حقولِ التفلت من جوهرها،
تصيرُ بركانًا فينا،
نصيرُ نحنُ،
محنطين برماد البركان.



ميشال مرقص

هناك تعليق واحد:

  1. يُشيحُ بوجهه عن ارتعاش الولعِ المجنون في لهيب الصراعِ وحُرقةِ البوح.

    ردحذف