الاثنين، 10 يونيو 2013

إبتهالٌ ... إلى الغابة...



إبتهالٌ ... إلى الغابة...
 

                                          محمّد ياسر سعد


أطربي أيّتُها الغابةُ المليئةُ
بأسراري...
اشتقتُ أنْ أكونَ هواءَكِ،
أشتقتُ
أن تروي نَسغي... وتهيمي مع الفراشاتِ
فوق أحلامِ هجرتي...
أُلملِمُ رائحةَ أخشابِكِ منْ جسدي،
فيعبقُ بخورًا،
وعطرَ صنوبرٍ،
وهواءَ سنديانٍ،
وينقلُ أحلامَ الوزّالِ إلى امتلاءِ الرئتين...

تمايلي أيّتُها
الغابةُ بقاماتِ أشجارِكِ
مع اتجاهات الرياحِ،
فانتشاؤكِ
أروعُ لوحةِ باليه،
ترتسمُ في مدى العينِ
وأبعادِ الحُلِمِ الهاتفِ في مسافاتِ خيال...
ها إنَّ طيورَكِ
تقرأُ فوقَ أغصانِكِ أبجديّةَ المتعةِ المشبوبةِ بالحرّيةِ...
ها إنَّ طيورَكِ تتغاوى مع النسمات
أنغامًا ورفّاتِ أجنحةِ...
سكرى هي المُتعَةُ المهووسةُ بنقاء الخيالِ...
مُلتهبٌ ذلكَ الشوقُ
إلى حُضنِ اللهفةِ...
ها إنَّ متاحفَ الغيومِ تعبرُ بلوحاتِها المتحرّكة
في دراما تقاطعِ الأحجامِ...
وأنتِ
تتهادينَ بقاءً
حيثُ يزحفُ الفناءُ...
أيتُها الخُضرةُ المتناغمةُ مع شهقةِ الروحِ،
تمدّينَ بساطَكِ
في بهجةِ العينِ
ومتعةِ الرغبة...

أنشدي أيّتُها الغابةُ
مزاميرَ بوحي
والتفّي حولَ شغفي،
أعتقيني من ذاتي إلى صفاءِ الدغدغةِ،
أنتِ الهناءُ
في صومعةِ العشقِ.
إنتشليني إلى برارةِ همسِكِ،
أنتشي
بحوارِ المسامِّ،
كما سكبُ شهوةٍ
تحترقُ
في ينابيعِ عشقي...


صلّي أيتُها الغابةُ
حتى لا تلتهِمَكِ نيرانٌ عبثيّةٌ مجنونة،
إبتهلي،
حتى لا يزحفَ عُمران الحضارةِ الإسمنتيةِ
إلى أقواسِ فرحِكِ
تحصّني
يا غابةَ اللهِ
حتى لا تقطعَ فأسُ جلجامش الحديث
ما تبقى من جذوعِكِ...

هي مأساةٌ
أنْ تصيرَ طيورُكِ غُربةً في مدى الريح،
هي مجزرةٌ
أنْ تُتركَ حيواناتُكِ البريّة
صيدًا
للغزاة...

رتّلي أناشيدَ بقاءَكِ
أيّتُها الغابةُ العاتيةُ على الزمنِ...

أنا إبنُ الأرضِ ألتصقُ بكِ،
أنا إبنُ الينابيعِ،
أروي جذورَكِ،
أنا إبنُ الهواء أبيتُ بين أغصانِكِ،
فلا تهجري غواياتِ الجمالِ...

تضرّعي أنْ يصيرَ الإنسانُ
بشرًا
يقرأ في مسامِ جذوعِكِ
روائعَ البقاء...


ميشال مرقص

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق