الأربعاء، 19 يونيو 2013

أعودُ إلى طفولتي




أعودُ إلى طفولتي


                           "سعادة الطفولة للرسّام – دومينيك دولوش  (دوميدل)

أعودُ إلى طفولتي
فتتسعُ رئتاي
لهواءِ قريتي النقيّ...

أعودُ إلى طفولتي
ليعودَ العالمُ صغيرًا
في مدى
ما يجولُ بصري،

أعودُ إلى طفولتي
لأقفزَ من ثيابي
في جلالِ الزيتونِ والتينِ والعنبِ،

أعودُ إلى طفولتي
لأؤلّفَ مسرحياتِ الريح
في بساطِ غابتي الصغيرة،
حيثُ
تُخبّئني
ظلالُها فوقَ صخورها الملساء،
أقطفُ أحلامَ الطفولة
بغامراتِ المدى المسحورِ
باشتهائي
إلى حرّيةِ الانتشاء...

كلُّ شيءٍ في الطفولةِ
بقي في مكانِه...

الهنيهاتُ الصغيرةُ
والشيطناتُ الكبيرة،
تتوالفُ
في رمزيةِ
الانتماءِ إلى عالمِ الحكاياتِ،
ألملمُ فصولها ممن سبقني في مغامراتِ العُمرِ،
أعيشُها
كأنني بطلُها
كلّما لامسَ جفنايَ
مسارَّ النعاسِ
إلى كرومِ الاطمئنان
في أحضانِ الطفولةِ...

***


أعودُ إلى الطفولةِ
لأراكِ تكبرينَ معي
يومًا عن آخر...

لنهربَ إلى فيءٍ
إلى ظلالٍ
نُعمّرُ فيها أحلامَ الكبار،
ونلعبُ
كما لوكنّا نملكُ مساحاتِ الكونِ،
وأنتظرُكِ
لنلعبَ كما الكبارُ
ونحنُ نحملُ نقاءَ الأطفالِ...

أعودُ إلى الطفولةِ
لأتركَ خيالَكِ وحيدًا
وأنا أتمسكُ بصوتِ أبي،
وأركضُ
خوفًا من خوفِ أمّي عليَّ...

أعودُ إلى أحواضِ العطورِ حول البيتِ
فلم نكنْ نغرسُ
شتولا لزهورٍ لا عطورَ لها...

أعودُ إلى طفولةِ الوردِ الجوريِّ
والحبقِ والمنتورِ
والياسمين
والزنبق والبيلسانِ
والعطرِ وغيرها وغيرها
وكلّها يحملُ في الفضاء المحيطِ
أريجه ليطيبَ قنديلُ السهرِ
في الليالي المُقمراتِ...

أعودُ إلى الطفولةِ
لأراقبَ
متى ينامُ قنديلُ بيتكِ
لتطيبَ لي الأحلامُ...

تعالي لنحفرَ في جبهةِ التُرابِ
رائحةَ الخصبِ
كما كنّا نعشقُها...

تعالي لنحلمَ
كيفَ نبني الحجارةَ بيتًا
لنا
تعالي
إلى أحواضِ البهجةِ
إلى مواكبِ الحساسين
ورفوف الورور
واختيال البواشق ...
وارتعاشاتِ العصافير
بين أغصان السنديانِ ...

وأسرقُ لكِ وردةً لشعرِكِ...

فلقد هجرتُ الطفولة
قبلَ سبعين عامًا ...


ميشال مرقص

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق