الأحد، 15 يناير 2012

أمس كان غدًا


أمسُ كان غدًا


 (غوستاف مورو)

كانت إطلالتُكِ، يا سيّدتي،
مثلَ بوحِ الرياح،
تحضرُ من دون استئذانٍ،
وتتغلغلُ في أعماقِ الأنفاسِ
 مثلَ عطرِ أنوثتكِ المتمكّنِ من شعابِ الرئتينِ
 حتى الخلايا الصغيرة.
يبهرني وجهُكِ،
أتلاشى بلا مقاومة،
أمامكِ تسقطُ تحصيناتُ ذاتي،
لأن وجودكِ فرحٌ،
وابتسامتَكِ تغريدُ سعادةٍ مجهولةِ الأحلام.

ألتقيكِ، يا سيّدتي،
فتصيرُ الدروبُ إليكِ سمفونيةُ عشقٍ ملوكي،
تتحوّلُ كآبةُ الوحشةِ ترانيمَ خاشعةًً أمامك،
فوجهكُ، فضاءٌ من الرغبة والابتهال،
وعيناكِ تفرشان، في بساتين الهلعِ والخوفِ،
اطمئنانَ الذاتِ إلى ملائكية صفائهما.

أرى وجهكِ سماءً،
تتجلّى دهشةُ الاقترابِ والابتعاد
فضاءً يتناهى من حسنٍ إلى جمالٍ،
ومن أنوثةٍ إلى رغبةِ،
فدوائرُ وجودكِ حلقاتٌ تتموّجُ إلى مداراتِ الشوق والامتلاكِ،
وتزيدُ تمسكّي بالبقاء..

يمطرُ وجهكِ، يا سيّدتي،
عنبًا فوق صحراء كرومي،
تمتلئُ خوابي عواطفي من نبيذكِ،
ومثلُ انخطافِ "الإسراءِ والمعراجِ"،
أتحوّلُ عابدًا في هيكلكِ،
وناسكًا في معابدِ انتظاركِ...

أيتها المرأةُ المختبأةُ في مكنون الدررِ،
المشرقةُ مثل بهاءِ الاطمئنان وألوانِ الفراشاتِ،
الجالسةُ في مخابئ القلب وفوق وسائدِ العواطف،
تتغلغلين في عروقي  مثلَ الخدرِ المتمهّلِ  في الانخطاف،
وأشعركِ تنبتين في مسامي،
فيخذلني ثباتي،
وتسبقني ذاتي إليكِ،
وتنبتُ لي، من فرحِ اللقاءِ، جوانحُ الأطفال،
فتصيرين مملكتي ومليكتي،
وتتبخرُ الثواني فوق أرصفةِ الفراق...

غداً، يا سيّدتي،
أمرُّ من هنا،
أفتحُ باب العشقِ،
أتمهلُّ لألتقط ذكرياتٍ مكبوتة،
لآسألِ عن لونِ عينيكِ،
عن ابتسامةٍ مطمئنةٍ وشعرٍ قطف عناقيد الشمس،
لألتقطَ غبارًا مرّ حيث مشيتِ،
لأخترعَ تاريخًا من ثوانٍ،
وألملمُ ظلالكِ فلا يجرّحها الفَيْءُ.

أمسُ، يا سيّدتي،
كانَ غدًا !

ميشال




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق