الجمعة، 13 يناير 2012

رسالة من وراء شبّاك العشق

رسالة من وراء شباك العشق
                               حالة عشق إفتراضية – عبر غرفة الدردشة -


أُنهي، يا سيّدتي عملي،
أُنْهي نهاري،
وأعودُ إلى بيتي،
يقودني شوقٌ أعمى،
إلى شاشة الكومبيوتر الصغيرة،
أشعرُ أنني أعيشُ في داخلها،
أنني نسيتُ من أحبُّ فيها،
أدخلُ إلى غرفةِ الدردشةِ،
فـ"الصالةُ" مقفلة،
وكلُّ شيءٍ يُشيرُ إلى الهجرِ،
وكلُّ إشارات التعارف متروكةٌ مهملةٌ،
وجميعُ شعائرِ الحبِّ ذابلة...

هنا أستجمعُ، يا سيّدتي، أنفاسي،
أشعرُ أنني دخلتُ إلى المقرَّ الذي أرتاحُ فيه،
كلُّ شيءٍ يذكّرني بكِ،
هنا تركتِ ( أنتِ) عطركِ،
وتركتِ أحاسيسك،
وأهملتِ رماد سجائركِ،
وبقيت صوركِ معلّقة في جدار عيني.

هنا يا سيّدتي،
كانت العباراتُ تصطبغ بالأحمر،
 وأشياؤكِ تفوح بالأنوثة،
فوق شراشف الرغبة سقطتْ أساورُ العشق،
وتناثرتْ مع أشعّةِ الصباح الخجولةِ من أن يأتي المساءُ كئيبًا.

يا سيّدتي،
بحثتُ فوق َ الأرائكِ عن أثركِ،
عن قميصكِ المعلّق فوق عري كتفيكِ،
عن جدائل شعركِ المغزول مثل جدائل الصبايا،
عن شُعيراتٍ سقطت فوق الركايا،
لأحملها ذخيرةً أو حجابًا.

كأن الشاشة الصغيرة، يا سيّدتي،
نافذتي إلى عالمك،
الذي طالما أسرني،
أسرني بتنوّعه،
أسرني بدلاله ورقتّه،
أسرني بقسوته،
وجفائه،
أسرني،
لأن سحرًا ما، سحرًا ما، هو أنتِ، يختبئ فيه.

آتي من تعبِ الأرصفةِ في المدينة التائهة وراء ذاتها،
لا ألتفتُ إلى من ياناديني،
إلى النساء،
بل ألتفت إلى رسمك الإفتراضي علّني أراك،
كأنني لا أسمعُ إلا صوتكِ،
كأنني لا أَنجذبُ إلا إليكِ،
كأنّ نهاري لا يصيرُ جميلاً إلا إذا قرأتُكِ أو سمعتكِ أو ترآيتِ لي صورةً وابتسامةً وإغراءً.

أحيانًا تقسو علينا الحياةُ، يا سيّدتي،
كنتُ أخالفكِ الحكمَ عليها،
كنتِ أنتِ فيها، فأراها فردوسًا،
كنتِ أنتِ صباحها ومساءَها وفصولَها وأضواءَها،
وكانت تستحقُ أن أجاهدَ لتبقى جميلةً بوجودكِ فيها.

لكن، يا سيّدتي،
تُغري الحياة،
فعندما لا نلتقي، لا نشعرُ بأحاسيس الآخر التي لا يبوحُ بها،
لا نتأكدُّ مما في داخله،
لا نستطيعُ أن نصل إلى درره وجواهره ما لم تخترقُ عينانا أعماقه وتفتح منافذَ الهروب إليه..
الشاشة الصغيرة تبقى نافذةً غير كافية،
تضعنا في مجاهل الشك،
وعدم اليقين من حرارة العواطف وصدقها وشفافيتها،
لكنها تبقى،
الفلكَ الصغير – الكبير،
الذي يحتضن عواطفنا،
ويشدنا إليها.

عندما ينتهي نهاري، يا سيّدتي،
آتي إليكِ،
وقبلَ أن يبدأ نومي آتي إليكِ،
وعندما تشرقُ الشمسُ آتي إليكِ،
أنتِ،
ولو لم تعودي إليّ،
صرتِ محجّتي،
تحوّلتِ إلى النهرَ الذي يجرفني إليه،
ويُلقيني عند ضفافه......
وأستفيق أمام الشاشة الصغيرة الصامتة...
التي لا تحملُ حسّكِ!

ميشال


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق