الجمعة، 6 يناير 2012

الإنخطاف الدائم



الانخطاف الدائم
               



في المسافةِ يا ، حبيبتي،
يكونُ العشقُ افتراضيًا،
يخلقُ الإحساسُ به من عمقه،
ومن توسّله أن يكونَ ملموسًا،
أن يكونَ واقعًا تحتَ مخالب الحواسِّ كلّها،
ومرميًّا في أرجوحتها.

عبرَ المسافاتِ، يا حبيبتي،
نخلقُ لنا حاضنةَ حبٍّ، نتوهّمُ  أنها تلامسُ وجودنا،
تخترقُ أعصابنا،
تلفحُ جلدنا بالرعشة،
تنامُ مع أحلامنا،
وتفيقُ لترحلَ مع زقزقةِ العصافير ورفيف الفراشات نحو الضوء.

أتصوّرُ كيفَ يحدثُ أن يصيرَ الأمرُ حقيقةً،
أصلّي،
أقدّمُ النذورات،
أسجدُ ألف ركعةٍ ليصير وجودكِ قربي.
ومع المستحيلات،
أقبلُ الافتراض،
وجهًا من وجوه الحقيقة،
فعندما يتلبّسني حبّكِ،
تصيرينَ فيَّ،
وأصيرُ مسحورًا بك،
لا ينتزعني منكِ،
غيرُ المشعوذين،
وطاردي الأرواح،
وعاقدي الحجبَ والتمائم.

انا امامَ وجهكِ!
أنا في حضرةِ أنوثتكِ،
أنا،
لا أستطيعُ إلا أن أكون في انبهار الحدثِ.
فالعينُ لها مهرجانُها،
والحواسُ لها قلقُها،
كيفَ تتفاعلُ في وجودِكِ، أيتها الملكةُ، وقد وطأتِ وطنَ عواطفي، وحضرتِ إلى قصرِ أشواقي.

قد تكتفي العينُ، في التعرّفِ إليكِ،
ترحلُ في جغرافيةِ كيانكِ،
تتوقفُ عندَ إيحاءاتِ وجهكِ،
وتتأمّلُ الآتيةَ إليَّ من عواصمِ الأنوثة،
لترمي سحرَ أنوثتها عليّ وتشلّ إرادتي،
وتجذبني إلى كرومِ ملذّاتها!

وقد تسحرني أذناكِ، يا حبيبتي،
أقتربُ منهما،
أهمسُ همسًا ملائكيًا:
كم انتظرتكِ،
كم انتظرتكِ،
كم انتظرتكِ.
وأهمسُ كم أحبّكِ،
وكم أنتِ شوقي،
ومتاهةَ عواطفي،
تضيعُ بكِ،
وتلتقي بكِ،
وتنمو وتزهرُ في حقولِ خصبكِ.

ترتعشُ أذنكِ، يا حبيبتي،
فهي تُصغي إلى بوحي،
أشعرُ أنها تسمعُ كلامي عندما تقرأينَ قصائدي وكتاباتي،
تعملُ بإحساسٍ عميقٍ،
فتنقلُ إليكِ رعشةَ مسامي بالتقائكِ.
وعندما تغار الأذنُ الثانية،
أنقلُ لها دفء قبلاتي،
إلى العنقٍ والجيدِ أرتحلُ،
أمطرهما بالقبل،
أشكُ لهما قُبَلي عقودًا،
مثل اتقانِ شكِّ الخرز، وعقودِ الغاردينيا والفتنة، أجمعُ قبلي،
ولا أتركُ مسافةً صغيرةً بلا زيارةِ شفاهي،
أنسجُ لعري صدركِ شالاً من القبل،
ارتحالاً إلى حدود الغلالة،
واستدارتها حول نهديك.

الشفاه، يا حبيبتي،
تبقى بريد الهوى الأقرب والأبعد في التوّغلِ نحوَ ذاتنا،
في عناقِ الشفاه،
تمتزجُ أنفاسنا،
يختلطُ لهاثُنا،
يصيرُ ريقُنا واحدًا،
يستثيره دعابُ الشفاه السفلى، فيستخرجُ السكّرَ،
وتَستحلبُ الشفاه العليا طيبَ المسكِ،
ونستلذُ نكتارَ العنبَ والتفاحَ والفواكه الاستوائية،
لننتشي في نبيذِ الريق اللذيذ،
دعوةً لهتافِ ينتظر في أبعادِ جسمكِ.

لا أدري إذا كانت تكفيني أجيالٌ،
لأجتازَ مسافاتِ عريكِ بقبلاتي،
أنا أتحسّسُ كلّ ذرةٍ فيكِ،
وأتلمّسُ كلَّ خليّةٍ،
وأنبضُ في كلّ موقعِ إثارةٍ تخبئينه.
فالرحلةُ،
قد تبدأ من أسفلِ الظهرِ،
صعودًا عند محطاتِ فقراتِه،
أتوقفُ عندَ روافدها يمينًا ويسارًا،
فأرسمُ بها شجرَ النخيل،
أُنبتُ فيها زهرَ عناقيدها،
كلّما توغلتُ صعودًا،
إلى منابتِ شعركِ،
تحوّلتَ هذه الزهورُ بلحًا لذيذ النكهةِ،
ليّنَ الانتعاش،
ولا أخفي، يا حبيبتي،
انني أتقنُ تحرير نهديكِ من غلالتهما،
وأتركُ لهما حرّية الانجذابِ إليَّ.

أين أتوقفُ، يا حبيبتي،
وفي استدارةِ الردفين،
لهفةٌ تفتّحت بين أصابعي،
هنا ارتحالُ شفاهي يتوزّعُ بحسب استدارتهما،
ومثلَ لولبِ النزواتِ أنجرُّ إلى تحسسهما دوائرَ دوائرَ تصيرُ مثلَ قوسِ قزحٍ، كلّما لامستْ شفاهي جلدهما.

وأجهلُ، يا حبيبتي،
كم أتوقفُ عند استدارةِ بطنكِ،
ولدى انعطافِ خصرك؟
فالشفاه تعشقُ الدوران من سّرتكِ،
وحولها،
ومن معارجِ خصركِ،
نزولاً إلى سهلِ الخصبِ،
وتفّاحة حوّاء،
حيثُ ينبتُ عشبُ القمح، مروجًا من الشهوة،
وينبعُ ماءُ الرغبة،
هنا تمرُّ شفاهي كلمسةِ فراشة،
تتركُ ارتعاشةَ الاشتهاء،
ترسمُ شهقةَ الاستزادة.

وعندما أنمنمُ محطّاتِ سفري في قارّات جسمكِ،
يكونُ لباطنِ الفخذين وبطّة الساقين،
ارتعاشُ الخشوعِ،
وتناهي القبلِ الرقيقة،
فنداوةُ الملمس ِ تُعلنُ حظرَ الهمجية،
هنا يبدأ الخشوعُ،
يبدأُ التأملِ،
يصيرُ الحبّ في حضرة الابتهالِ الكامل،
فمملكةُ حبيبتي،
رياحينٌ وورودٌ وزنابقَ ،
وهنا يستحيلُ ألا تكوَن القبلُ رهيفةً والشفاهُ لّيّنةً كنسمةِ الربيع.


هل أقضمُ أصابعَ رجليكِ، يا حبيبتي،
وأتنقل بينهما من موسمٍ إلى موسمٍ آخر؟
هل أنسحبُ من ذاتي إليكِ،
 عبرَ اصابع يديكِ؟
هل نسيتُ أن أمرَّ عند مرامي نهديكِ،
وأتركُ ملامس إحساسي كلّه يتدفقُ منهما؟؟

هل ابتعدتُ عن معبرِ جنسكِ،
حيث ينبعُ ماؤكِ،
يتدفقُ،
يُهيّئُ بلوغ النشوة،
واستقبال الانتشاء حتى الانخطاف؟

هنا ماؤكِ يصيرُ عسلاً،
يمنحُ شهوتكِ رطوبةً،
 تُعلنُ كم أنا أثرتُ شهوتكِ،
كم انا عرفتُ كيف تكونين معي أنثى،
امرأةً تعرفُ معنى الحبِّ،
ومعنى العشقِ،
ومعنى النشوةِ،
ومعنى الارتخاء.

لا أحبُّ أن أكملَ الرحلةَ، يا حبيبتي،
فأنا أتقنُ فنَّ العشق،
وأنا أتقنُ فنَّ الانتظار.
أنا أولعُ جسدكِ،
وأكتشفُ مناطق الإثارةِ عندك،
وأزرعُ في كلِّ مسامٍ فيكِ، خليّةَ تعشقُ وجودي،
وأخلقُ فيكِ،
انثى جديدة،
وامرأةً جديدة،
وأعلنُ أنّكِ حبيبتي،
وأنّكَ عشيقتي،
وأنّكِ حبّي وعشقي وحياتي،
وأجعلكِ ترتعشينَ في إبحاري عبركِ مثل العصفور الخائف.

وفي كلّ مرّة، يا حبيبتي،
أبدأُ من حيثُ انتهيت،
من بوّابةٍ جديدة،
من إثارةٍ غفلتُ عنها سابقًا،
من ولعٍ جديد ولدَ عندك،
من مساكبَ عشقٍ نبتت على يدي،
من كرومٍ كانت يبست،
فأعدتُ إليها نبضَ الارتحالِ في جنّةِ العشقِ والجنس.

ولمْ أمنحكِ كلَّ ما عندي لكِ،
فأنا أنتظرُ العمرَ كلّه،
وفي كلِّ ثانيةٍ أمَتّعُكِ بخفقةِ قلبٍ جديدة،
وارتعاشٍ يولدُ عبرَ أثير الإثارات.
تتجددينَ فيَّ كلّما التقيتكِ،
ويزيدُ عشقي لكِ،
وولعي بكِ،
ولا ألقى ذاتي إلا كلّما التقيتكِ،
وكلّما نتعانقُ بالروح والجسد،
بالكلمة والصمت،
بالبوح والإثارة،
وصُرتُ أولدُ منك،
وتولدين منّي،
في كلَّ ثانيةٍ أحرّضُكِ على إثارتي،
وتُحرّضينني على إثارتكِ.




                           ميشال

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق