الأربعاء، 29 يونيو 2016

مثلَ عاشقٍ يحملُ تابوته/ مثلَ مسكينٍ يحملُ عشقهُ...

مثلَ عاشقٍ يحملُ تابوته/
مثلَ مسكينٍ يحملُ عشقهُ...


                          جان ماري ستايف – الوجه هو جسد مكلوم (أنطونين أرتو 1896 – 1948)



مثل بيتٍ هجرته الريحُ عند مفترقِ النسيانِ/
مثل قارعةِ طريقٍ ضيّقةٍ
لا تتسعُ لعصفورٍ
متشرّدْ...

مثلَ هوسٍ
نسيَ عنفوانهُ مشلولاً فوقَ أغصانِ سنديانةٍ
هرمة...

ينسى الزمنُ ساعةَ يدهِ
فاقدةً للوعيَ...

ينسى كيف تصيرُ هزائمُ الأحلامِ
عقلاً شاطرًا/
يتمدّدُ في مساماتِ الصحراءِ/
أمبراطورياتٍ خاليةً من بئرِ...

هكذا يسلبنا العقلُ الشريرُ
هويّةَ عيوننا/
فلا نعودُ نساوي سوى متاريسَ
لعبورِ الأحقادِ/
والسلالاتِ القايينيّة/
إلى ملاذاتِ الشواردِ المحجوبةِ في عتمةِ الأدمغةِ/
المتورّمةِ بأفيون الدين والمعتقداتِ الكابتاغونيّة...

مثلَ جُندبٍ
يقفزُ في شبكةِ عنكبوتٍ...
تمدّدنا نحو استسلامٍ مُبهمٍ...

صرنا سلعًا رخيصةً...

صرنا حلزونًا/
يتفرّسُ فيه قنفذٌ/
ليلتهمه بشهيّةِ المُدمنِ من مصّاصي الدماء...

البوماتُ تنعبُ في خرائبِ البشرِ...
الغربانُ تقتاتُ من حزنِ الملتاعاتِ...
الظربانُ تقفزُ من نتانةِ رائحة الترابِ ...

مثلَ عاشقٍ يحملُ تابوته/
مثلَ مسكينٍ يحملُ عشقهُ...

لمْ تعدْ لنا تلك الأرضُ الشقيّةُ/
لمْ تعدْ لنا الجنّةُ الغارقةُ في اللعنةِ...

سقطت بابلُ للمرّةِ المنسيّةِ...

تفرّقت العراقُ والشامُ أيدي سبأ...

نهرانِ من أنهار الجنّة يتدفقان بالدماء الغاضبةِ من عجزها...

هوذا حديدُ التُربة الحمراء، صار سيوفًا وخناجرَ وسواطيرَ...
هوذا الموتُ صارَ رحمًا مثقوبًا ...

دجلةُ والفراتُ ...وعويلُ الأرامل والسبايا...
يا أرض العراقِ والشامِ
أيُّها الفردوسُ الملعونُ ...

أيُّها التاريخُ المجبول بالخيانات والجثث المقطوعة الرؤوسِ...

تمتعي أيتها البومُ في خرائبِ الموت...

هوذا بيتي صارَ دمارًا...

هوذا بيتي هجرته الريح...

لمْ يعدْ كمشةً من تراب
ولا حفنةً من ذهبٍ...

البيتُ المسكونُ بأشباحِ الخوفِ
يهجرُ حناياه...

البيتُ المرصودُ على سواطير الأنبياءِ
يفقدُ أنفاسه...

خربةً تركتُ بيتكم...

خربةً تركتُ عقولكم...

أيّها الزاحفون من بطون الموتِ
يا افاعي العالم الموبوء...


ميشال مرقص


هناك تعليق واحد: