الجمعة، 10 أغسطس 2012

العُمرُ...



العُمرُ...


molenuvolette.it]1906 braque Georges le port de l'estaque


يجتازنا العمرُ، يا سيّدتي،
نصيرُ في دفاتره رموزًا،
نتحوّلُ إلى إشاراتٍ يقرأُها العابرون في متاهاتِ الزمن.

يغتالنا العمرُ،
يُمعنُ في اختطافنا من ذاتنا،
يُخرجنا من جلدنا،
ويُلبسنا سنابلَ الهوسِ بظمأنا إلى العيش.

لكن عُمرَكِ
يجذبني إليكِ،
أنتِ مثل الخمرةِ تزدادُ طيبًا كلّما اختبأت زمنًا،
وينجلي لونُها رقّةً وشفافيةً،
وتصيرين خمرَ الأنوثةِ الطاغي،
في كؤوس الانجذاب واللهفة.

تعبرين يا سيّدتي، مسافات الزمن،
كأنّكِ شعاعٌ يتوهّجُ ألوانًا ونورًا،
 كلّما اخترق حاجزًا شفّافًا من حواجز أنوثتك،
وتصيرين ماءَ الماءِ نقيّةً،
ونورَ النورِ، شفّافةً،
وقصيدةً تعبرُ إلى ذاتي،
كلّما فتحتُ كتابَ شعري،
فأجدكِ تقيمينَ فيه.

أتحسّسُ، يا جميلتي، أنكِ تخرجينَ من جلدكِ،
إلى جلدي،
وتتنسمين مسامَ عريكِ، في مسامي،
وتخطرينَ فوق جروح زمني،
 مثل رقص الفراشاتِ،
 هادئةً رقيقة ناعمة،
فتصيرين الجرحَ والبلسمَ،
وتصيرين الانتظار والفراق،
وتصيرين تلك الحكاية التي لم تبدأ،
لكي تنتهي.

لا أعتقد، أن السنوات وجدت لكِ،
ولا الأيامَ التي تنقضي،
أنتِ، الزمنُ كلّه،
الزمنُ، لم يتفتّح بعدُ،
الزمنُ، لم يتكوّن بعدُ،
الزمنُ لم يخطَّ بعدُ مسافة الاحتراف،
فعندما تمشين فوقَ وسادةِ العمرِ،
يبدأُ فصلٌ جديدٌ في تاريخ الزمنِ،
لأنّكِ أنتِ كنتِ،
عرفتُ أنا،
كيف أحترفُ أبجديةَ الحب،
وبدأ الزمنُ،
يتفتقُ عن براعمَ وجودكِ،
ويطوي صفحاتِ لذّاته،
لأنّكِ أنتِ،
 جمعتِ متعةَ الحياة.


ميشال مرقص

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق