الأحد، 16 ديسمبر 2012

أنعشني صوتُكِ...



أنعشني صوتُكِ...
(عبر الهاتف)



                         كاندينسكي فاسيلي (1866-1944)


أنعشني، يا سيّدتي، صوتُكِ الآتي صوبي.
تنسّمتُ أنوثتكِ في رقّته،
وانجذبتُ إليكِ، تدفعني عاطفةٌ،
ظَنَنْتُ أنّني كنتُ قادراً
على ضبطها في قمقم الزمن.

كنتُ حالةً من اليأسِ، يا سيّدتي،
فبلّلَ ندى صوتُكِ صحرائي.
كنتُ أبحثُ في محطاتِ الرحيلِ
 عن زجاجٍ ألهثُ عليهِ لأكتب اسمكِ بإصبعي،
فصارَ صوتُكِ وطني،
واسترجعتُ هويّةَ عاطفتي لكِ،
وعاندتني حواجزُ الهجرةِ،
فوجدتُ ذاتي داخلَ حدودِ مَدارَكِ،
عالقًا في جاذبيّتكِ،
ومرمياً عندَ أرصفةِ سحركِ.

عصيتُ عواطفي،
لم أكتبْ لكِ شعرًا،
كتمتُ على ذاتي،
ختمتُ قمقمَ شعوري وانجذابي،
رسمتُ دائرةً حولَ فَلَكي.
فأنا، لا أحبُّ أنْ أكتبَ عن فشلي،
ولا أن أترجمَ مشاعرَ خيبتي،
لأنني تعوّدتُ أن أحبَّ بفرحٍ،
وأتقبّلَ انهزاماتي بفرحٍ أكبر،
وأهندسَ أشرعةَ سفينتي بحسب اتجاهاتِ الرياح..

لكن معكِ،
كدتُ أكتبُ عن خيبتي،
واسترجعَ سقوطي،
فالأشياء "الصغيرة" و"الأمور" الصغيرة معكِ،
هي أوسعُ من دنيا،
وأكبرُ من مساحاتِ العاطفةِ والخيال،
فحزنتُ،
لأنها كانتْ... ولم تعدْ..

ربّما، أن حبّي لكِ أصغرُ من ظلّكِ،
وأنني لا أستحقُ أن أعلنَ عواطفي إلى الأميرة التي تحملها الريح،
فأنتِ، يا سيّدتي،
تستحقينَ أوسع من عواطفِ شاعرٍ يحبسكِ في قصائده،
ويشعرُ أنّه امتلكَ صولجانَ أنوثتكِ وعرشَ ينابيعكِ..

كنتُ، أُلَمْلِمُكِ من قصائدي،
أعودُ إلى كتاباتي لكِ،
وأدهشُ من فيضانِ إحساسي وتدفّق مشاعري،
أفتّشُ عن المرأةِ التي "بهرتني" بهذا الصخبِ العاطفي،
بهذا المجونِ المسكونِ بالشفافية،
بهذا السموِّ الممتشقِ كِبَرَ الأنوثة...
كنتُ أقرأ اسمكِ في مساكبِ كلماتي،
وأرى وجهكِ في أقمار الورد،
وعندما أتنشّقُ أزهار الوزّال والغاردينيا،
أشعرُ أنّكِ تخترقينني إلى أعماقِ رئتي..

كلّما أتطلّعُ إلى مرآةِ ذاتي، يا سيّدتي، أجدكِ في عينيّ...
وكلّما أبحرُ في تدفقِ حبي،
يخفقُ القلب بكِ ....

شدّني، يا سيّدتي، لحنُ صوتكِ الآتي صوبي،
فارتفعتُ إليكِ،
لكن... خشيتُ أن أقعَ ثانيةً،
فأَفلتُّ ذاتي!!!!! 


ميشال مرقص

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق